كيف أعادت هجمات 7 أكتوبر جماعة الإخوان إلى الواجهة؟
في 7 أكتوبر، عادت جماعة الإخوان المسلمين إلى دائرة الضوء من جديد، بعد أن كانت قد فقدت زخمها السياسي في المنطقة منذ سقوط حكمها في مصر عام 2013 بثورة شعبية واسعة. لم يكن هذا الظهور مجرد مصادفة، بل جاء كنتيجة مباشرة للحدث الذي أجبر الأنظمة العربية على التعامل مع خطاب الجماعة مرة أخرى، بل ووجدنا بعض الأدوات الإعلامية الرسمية تتحدث بإيجابية عن حماس، ذراع الإخوان العسكرية في غزة، رغم أن هذه الجماعة كانت قد وُصفت بالإرهابية في أكثر من بلد عربي.
لكن هذه العودة لم تقتصر على الحضور الإعلامي، بل كشفت عن حقيقة أكثر خطورة: أن المشاريع السياسية ذات الطابع الديني المتطرف لا تزال تجد لنفسها تأييدًا واسعًا في الشارع العربي، وهو ما يفرض على الأنظمة الحاكمة إعادة تقييم استراتيجياتها لمواجهة هذا المد الأيديولوجي الذي يهدد الاستقرار.
بين المشروع العثماني والمشروع الفارسي: أين تقف حماس؟
على مدار السنوات الماضية، لعبت حركة حماس دورًا مزدوجًا بين محورين متناقضين ظاهريًا: المحور العثماني بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والمحور الفارسي بقيادة إيران. ففي الوقت الذي سعت فيه تركيا إلى تقديم نفسها كحامية لقضية فلسطين، مستغلة الأحداث الأخيرة لتعزيز نفوذها في المنطقة، لم تتردد حماس في تقديم نفسها كأداة لهذا المشروع العثماني، سواء من خلال تصريحات قياداتها، أو عبر القنوات الإعلامية التابعة لها التي روجت لرؤية أردوغان في المنطقة.
لكن المفارقة الكبرى تكمن في أن حماس لم تكتفِ بالارتماء في أحضان المشروع العثماني، بل مدت يدها أيضًا إلى إيران، التي أغدقت عليها الدعم العسكري والمالي، في محاولة لاستغلالها كذراع جديدة في مشروعها الفارسي التوسعي. وهكذا تحولت حماس إلى أداة مزدوجة، تخدم مشروعين إقليميين يتنافسان على النفوذ في المنطقة، لكنها في الوقت نفسه أصبحت عبئًا على الأمن القومي العربي، وخصوصًا بعدما ثبت تلقيها تمويلات ضخمة من إيران لدعم أجنداتها.
هل يدرك العرب الفرصة التاريخية للخلاص من هذا الخطر؟
في ظل هذه المعطيات، يجد العالم العربي نفسه أمام فرصة ذهبية لن تتكرر، تتمثل في تصفية نفوذ الجماعات التي تتخذ من الدين ستارًا لتحقيق أجندات سياسية تهدد استقرار الدول. إن استمرار وجود حركة مثل حماس، بارتباطاتها المشبوهة، يعني استمرار التهديد لأمن الدول العربية، لا سيما مع استغلالها للقضية الفلسطينية كغطاء لإضفاء الشرعية على تحركاتها.
لم يعد بإمكان الدول العربية تجاهل هذه الحقيقة، خصوصًا وأن التجربة أثبتت أن هذه التنظيمات تنمو كالنار في الهشيم إذا لم يتم التصدي لها بحزم. اليوم، ومع إدراك الحكومات العربية لحجم الخطر، فإن القضاء على هذا “الطاغوت” لم يعد مجرد خيار، بل ضرورة حتمية للحفاظ على الأمن القومي، ومنع تكرار السيناريوهات الكارثية التي شهدتها المنطقة في العقود الأخيرة بسبب انتشار الجماعات الدينية المسلحة.