المستشار نجيب جبرائيل يكتب: كان الله في عون الرئيس

كتبتُ أكثر من مقال في هذا الشأن، ولم أكن يومًا مجاملًا أو منافقًا، بل كنت أتناول الحقائق كما هي، لا كما يريدها البعض. الحقائق التي لا ينكرها إلا جاحد أو خائن.
لكنني في هذا المقال أتناول الأمر من زاوية أخرى، تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن هذا الرجل تحمّل – ولا يزال يتحمّل – ما تنوء به الجبال. لقد حباه الله عقلًا راجحًا، وبصيرة نافذة، ومعونة ربانية، فلو حُسبت الأمور بمقاييسها المادية، لما أمكن أن تستمر الأمور كما نراها اليوم.
أقولها انطلاقًا من خبرتي، ومن رؤيتي، ومن عملي القانوني والقضائي سابقًا، والحقوقي محليًا وإقليميًا ودوليًا: إن الرئيس عبد الفتاح السيسي يواجه تحديات لم يواجهها رئيس مصري قبله، رغم أننا لا ننكر أن كل من تولى رئاسة مصر كان له دور وبصمة.
الرئيس جمال عبد الناصر، والضباط الأحرار، كان أمامهم مستعمر ومحتل واحد هو الإنجليز، ونظام ملكي فاسد. قامت ثورة يوليو، وتخلصوا من هذا النظام المعروف والمكشوف.
الرئيس أنور السادات، بطل الحرب والسلام، قاد ملحمة أكتوبر التي أصبحت تُدرّس في أكبر المعاهد العسكرية والاستراتيجية حول العالم. استرد الأرض، وأعاد الكرامة، لكنه أيضًا واجه عدوًا واحدًا معلومًا.
الرئيس حسني مبارك، سعى إلى أن تكون فترة حكمه هادئة مستقرة، ولا ننكر أنه أقام مشروعات وجنّب البلاد الدخول في صراعات إقليمية ودولية كبرى.
أما الرئيس عبد الفتاح السيسي، فقد وجد نفسه في بحر متلاطم الأمواج من التحديات، محلية وإقليمية ودولية. مؤامرات تُحاك في الخفاء، وبعضها يُعلن، وبعضها الآخر لا يزال في الظلام. لا يتركون له حتى لحظة راحة.
ما أن أنهى معركة الإرهاب في الداخل، ونجح في دحره، حتى فوجئ بحرب جديدة على أعتاب الوطن: العدوان الإسرائيلي على غزة، وتبعاته الخطيرة. ووسط شعارات جوفاء لبعض القوى، وتخلي بعض الدول عن مسؤولياتها، ظل السيسي ثابتًا، يؤكد أن القضية الفلسطينية قضية أمن قومي، وأن سيناء خط أحمر، وأن لا للتهجير.
قالها بوضوح، فرجفت التصريحات العنترية لترامب، وسقطت رهانات إسرائيل. وتأكد للعالم كله أن العقبة الوحيدة أمام تمرير مخطط التهجير أو تصفية القضية هي مصر، ورئيسها الذي يعي أبعاد الدور التاريخي لمصر، وكرامة شعبها، وحضارة السبعة آلاف عام.
كل هذا يحدث، والرئيس يواجه في الداخل مؤامرات جماعة الإخوان الإرهابية، وتعاونهم مع أجهزة استخبارات أجنبية، واختراقات للجبهة الداخلية. ومع ذلك، ظل الرجل ثابتًا، موقنًا أن الوعي هو الحصن الأخير. ومنذ أول يوم له في الحكم، وضع قضية “الوعي المصري” في صدارة اهتماماته.
وها هو الشعب المصري يثبت في كل لحظة أنه ذلك الشعب الذي صمد في حرب الاستنزاف، وتحمل مرارة النكسة، وقاد انتصارات أكتوبر، وتحدى حرق المتاحف والكنائس، وانفجارات البطرسية وأبو النجا. هو ذات الشعب الذي قدم من جيشه وشرطته آلاف الشهداء لدحر الإرهاب.
ولكن، هل انتهت التحديات؟ بالطبع لا.
فما زال هناك مخطط لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، تسنده أطراف دولية وإقليمية. وما زالت عناصر إخوانية تتغلغل في مفاصل الدولة، تنتظر لحظة انفجار. وهناك – للأسف – مسؤولون يدفعون البلاد نحو مستنقع الدولة الدينية، بتوظيف الدين لتحقيق مكاسب سياسية، سواء في التعليم أو في غيره.
وفي ظل كل هذا، يعاني الاقتصاد من ضغوط خانقة، والرئيس لا يهدأ، يعقد الاجتماعات، ويوجه بتقديم تسهيلات غير مسبوقة للمستثمرين، حرصًا على توفير العملة الصعبة، وتأمين مستقبل الاقتصاد الوطني.
وعلى صعيد الجيش، لم يغفل الرئيس عن ضرورة تحديثه وتطويره. فبخبرة عسكرية فذة، سبق فيها أعظم خبراء العالم، أعاد بناء القوات المسلحة على أسس علمية حديثة، ووضع في حسابه تنويع مصادر السلاح، حتى باتت مصر اليوم قوة يحسب لها الجميع ألف حساب.
إن قوة مصر العسكرية أصبحت اليوم جزءًا من قوتها السياسية، وهي اللغة الوحيدة التي يفهمها العالم في ظل نظام دولي لا يعترف إلا بمنطق القوة.
ومن مجمل ما تقدم، وبكل صدق وأمانة، أقول إن الله كان ولا يزال مع هذا الرجل. في أشد المحن نراه مبتسمًا، راضيًا، متفائلًا، لأنه يعلم أن يَد الله فوق الجميع، وأنه على الحق، وأن مصر لن تُخذل أبدًا.
كان الله في عونك، سيادة الرئيس.
حماك الله، وحمى مصرنا الغالية.