فن التحطيب: روح المنافسة الشريفة بين أبطال الصعيد في أسوان

يحتفل أبناء الصعيد من القبائل العربية في مناسبات الأعياد والمهرجانات من خلال إحياء لعبة “العصا” أو المبارزات التقليدية المعروفة باسم التحطيب، التي تعتبر جزءًا من تراثهم الثقافي والرياضي القديم. يقام هذا الحدث في ساحات وسرادقات مخصصة خلال أيام الأعياد، كما يعقد على هامش أفراح الأعراس والاحتفالات بحضور واسع من أبناء الأسرة والقبائل، وهو ما يعكس عمق ارتباطهم بتراثهم وأسلافهم.
يعد التحطيب من الفنون الشعبية التي تعلمها الأجداد، ويستخدم فيها فرسان القبائل العصا كوسيلة للمبارزة، حيث تظهر فيها معادن الرجال وبطولات الفرسان بشكل واضح، وتُقصَد المنافسات لإظهار القوة والمهارة. ويُنظر إليها كمناسبة للتعارف والتواصل بين أبناء القبائل، فضلاً عن تعزيز الروابط الاجتماعية، حيث يتم فيها تبادل الزيارات والود، وتقوية أواصر العائلة والقرابة.
مظاهر اللعبة ومواجها
تقام المبارزات تحت إشراف حكامين يتوليان مراقبة اللعبة، ويعملان على ضبط الأداء وتنبيه المتبارزين من شدّة اللعب أو الغضب، ويتدخلان فوريًا لوقف المعركة وتهدئة الأجواء حتى لا تتطور إلى اعتداءات جسدية. الهدف من اللعبة يركز على تأكيد معاني الوحدة والتلاحم، وتأصيل قيمة التعاون والاحترام بين المشاركين، وتُعزز الأجواء الموسيقية المصاحبة من خلال عزف المزمار، الذي يضيف جوًا من الفرح والاحتفال.
الجانب الشعبي والنقل الثقافي
يحضر اللعبة جمهور كبير من أبناء القبائل من مختلف المناطق، حيث يتابعون المباريات بحماس، ويشجعون الفرسان المشاركين، في أجواء مليئة بالفولكلور والأهازيج. تُعبر المبارزات عن تراث شعبي قديم يُورث عبر الأجيال، ويُنظر إليها كنوع من أنواع الاحتفال التي تجمع بين الرياضة والطقوس الاجتماعية، وتُعد فرصة للتواصل والتقاء الأهل والأحبة، بالإضافة إلى إبراز معادن الرجال وشجاعة الفرسان.

مظاهر الحضور والفعاليات
يشهد الحضور متعة مشاهدة المبارزات التي تتسم بالحماس والإثارة، حيث يتابع الجمهور المنافسات عن كثب وسط أجواء من الفرح، ويستمتع بالعزف على المزمار الذي يرافق الأداء، مما يخلق شعورًا بالكرم والضيافة والتراث الأصيل. تُعبر هذه الفعالية عن أصالة المجتمع الصعيدي، واعتزازهم بتراثهم الأصيل وممارساته القديمة التي توارثوها جيلاً بعد جيل.




