رفعت فياض يكتب: شكرا سيادة الرئيس دعمك للهرم الطبي الرابع بجامعة المنصورة جعله المركز الوحيد في العالم لزراعة الكبد

بأمر الرئيس: 750 مليون جنيه لتجهيز المركز، وعملية الزرع مجانًا على مستوى الدولة
نعم، أقولها بملء فمي، بعد أن قادتني الظروف لزيارة هرم رابع في مصر، داخل جامعة المنصورة، بدأ نشاطه منذ أشهر قليلة فقط، بعد أن أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بتجهيزه بالكامل بأحدث المعدات والأجهزة الطبية، بتكلفة وصلت إلى 750 مليون جنيه، بعدما تبرّع أحد أبناء المنصورة ببناء الجزء الخرساني منه ليصل ارتفاعه إلى عشرة أدوار، ويصبح المركز الوحيد من نوعه، ليس في مصر أو الشرق الأوسط فقط، بل في العالم كله، وهو مركز زراعة الكبد بجامعة المنصورة، بعد أن اعتمد د. شريف خاطر، رئيس الجامعة، قرار مجلس الجامعة بأن يكون هذا الصرح تحت مسمى: “مركز زراعة الكبد”.
وكانت عمليات زراعة الكبد في جامعة المنصورة قد بدأت حين تأسست ما تُسمى بوحدة زراعة الكبد، بقيادة المرحوم د. فاروق عزت، نائب رئيس الجامعة في ذلك الوقت عام 2004، وذلك بالتعاون مع جرّاح فرنسي، كان يتقاضى عن الحالة الواحدة خمسة آلاف يورو، أي ما يزيد حينها عن مليونين ونصف المليون جنيه، بالإضافة إلى تذكرة طيران بدرجة رجال الأعمال، والإقامة في فندق خمس نجوم.
لكن، في الحالة رقم 20، تم الاعتماد لأول مرة على فريق من الجراحين المصريين، بالإضافة إلى أربعة معاونين، استفادوا من الخبرة التي اكتسبوها في العمل بمركز جراحة الجهاز الهضمي منذ عام 1985. وفي عام 2007، تم تكليف د. محمد عبد الوهاب بالإشراف على برنامج زراعة الكبد، ووصل إجمالي عدد الحالات التي تمت زراعتها حتى ذلك الحين إلى 30 حالة، وذلك بعد الاستغناء عن الجراح الأجنبي، الذي ثبت عدم مساعدته لفريق العمل في اكتساب الخبرة الكاملة بعمليات زراعة الكبد، فضلًا عن التكلفة الباهظة التي كان يتقاضاها.
ومنذ ذلك الوقت، ارتفع عدد الجراحين المصريين المتخصصين في زراعة الكبد، في مختلف مراحلها وتخصصاتها، إلى 12 جرّاحًا.
ولم يتوقف دعم الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا المركز عند حدود الإنشاء والتجهيز، بل امتدّ أيضًا إلى قراره في عام 2018 بأن تتم عمليات زراعة الكبد لهؤلاء المرضى على نفقة الدولة بالكامل، نظرًا لضخامة تكاليف العملية، التي قد لا يقدر عليها أغلب من يحتاجون إليها؛ إذ تصل في بعض الدول إلى مليون ونصف المليون جنيه، وفي أغلب الدول الأوروبية إلى ما يقرب من خمسة ملايين جنيه.
وما قرره الرئيس بشأن تحمُّل الدولة تكلفة علاج وزراعة الكبد على المستوى القومي، هو ما يُطبَّق في مركز زراعة الكبد الجديد بجامعة المنصورة، وهو ما كانت تطبقه أيضًا وحدة زراعة الكبد بمركز الجهاز الهضمي قبل أن تستقل وتتحوّل إلى مركز فريد من نوعه، ليس فقط في مصر أو الشرق الأوسط، بل في العالم أجمع، إذ لا تزال عمليات زراعة الكبد تُجرى حتى الآن في وحدات منفصلة داخل مستشفيات عدة حول العالم. ولهذا، لا يوجد في تلك الدول مركز مستقل ومتخصص في زراعة الكبد، سوى في مصر الآن، بعد إنشاء هذا المركز الجديد الذي يحمل اسم “مركز زراعة الكبد بجامعة المنصورة”.
وأصبح المريض في مصر، بعد نجاح عملية زرع كبد جديد له، وبعد قرار الرئيس السيسي، يُتابَع بصفة مستمرة، بل ويُعالَج مجانًا مدى الحياة داخل هذا المركز، لضمان استمرار نجاح العملية، التي وصلت نسبة نجاحها حتى الآن إلى أكثر من 90%، وهي من أعلى نسب النجاح عالميًا في مجال زراعة الكبد.
لقد تم زرع كبد لـ1170 حالة حتى الآن، منذ أن بدأت عمليات الزرع بوحدة زراعة الكبد التابعة لمركز الجهاز الهضمي بالجامعة، على يد الراحل د. فاروق عزت وتلميذه د. محمد عبد الوهاب، منذ عام 1985. وبفضل جهود د. محمد عبد الوهاب، الذي يتبوأ حاليًا مكانة عالمية في هذا المجال، وتم تكريمه في أكثر من 15 دولة، من خلال دبلومات فخرية وميداليات وشهادات تقدير، نُسِب إليه في العديد من المراجع العلمية تطوير عملية استئصال البنكرياس والاثني عشر، عبر بحث منشور في مجلة الكبد والجهاز الهضمي العالمية عام 2001 (العدد 48، الصفحات 1572–1576).
وكانت عملية استئصال رأس البنكرياس والاثني عشر تُعدّ الطريقة الوحيدة لعلاج أورام رأس البنكرياس والقنوات المرارية والاثني عشر، ورغم التقدم في الجراحة، فإنها كانت لا تزال مصحوبة بمضاعفات كبيرة. لكن، بعد إجراء عدد كبير من هذه العمليات في مركز جراحة الجهاز الهضمي بجامعة المنصورة، تمكن د. محمد عبد الوهاب من التوصل إلى تطوير جديد لهذه الجراحة، ساعد في التغلب على أغلب مشكلاتها.
وخلال الفترة من 1994 حتى عام 2000، أُجريت في المركز 211 عملية، منها 81 عملية جديدة لاستئصال رأس البنكرياس والاثني عشر لعلاج أورام سرطانية، وكانت النتائج مذهلة؛ إذ انخفضت نسبة الوفاة في المستشفى إلى أقل من 3%، وتراجعت المضاعفات الجانبية مثل “الناسور البنكرياسي” إلى 3% فقط، كما انخفضت فترة الإقامة بالمستشفى إلى تسعة أيام، وتمكن أغلب المرضى من تناول الطعام بالفم في اليوم الخامس أو السادس، وانخفض زمن إجراء الجراحة من خمس ساعات إلى ثلاث فقط.
وأظهرت الدراسة التي أعدها د. عبد الوهاب أن هذا التطور جعل الجراحة أسهل وأسرع، وأدى إلى تقليل كمية الدم المنقول، والمضاعفات المصاحبة.
وبعد أن أصبحت وحدة زراعة الكبد، التي كانت ملحقة بمركز الجهاز الهضمي بالمنصورة، مركزًا عالميًا مستقلًا يحمل اسم “مركز زراعة الكبد بجامعة المنصورة”، يضم فريقًا من 27 عضو هيئة تدريس، يخدمون جميع محافظات الجمهورية، بل وكثيرًا من الدول العربية، وفي مقدمتها: ليبيا، السودان، اليمن، فلسطين، سوريا، العراق.
تحية واجبة للرئيس عبد الفتاح السيسي على هذا الإنجاز الرائع، الذي بات بمثابة “الهرم الرابع” في مصر في مجال زراعة الكبد، خاصة بعد أن أمر بتجهيزه بالكامل بتكلفة 750 مليون جنيه، وأمر بأن تتم زراعة الكبد مجانًا مهما بلغت تكلفتها.
وتحية لروح د. فاروق عزت، رائد زراعة الكبد في مصر، وصاحب فكرة إنشاء وحدة لعلاج وزراعة الكبد بمركز الجهاز الهضمي بجامعة المنصورة. وتحية واجبة أيضًا لتلميذه، العالم الكبير، د. محمد عبد الوهاب، الذي تبنّى فكرة إنشاء هذا المركز العالمي لزراعة الكبد، ونجح فيما كان يتمناه لبلده وجامعته