منذ إعادة انتخابه، لا يزال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمارس أسلوبه الصدامي في التعامل مع قادة العالم، مستخدمًا لغة لا تخلو من الهجوم المباشر، بل والإهانة أحيانًا. فقد أصبح نهجه في انتقاد الزعماء، سواء الحلفاء أو الخصوم، جزءًا من سياسته التي تثير الجدل عالميًا. لكن يبقى السؤال: هل هذا الأسلوب يعبر عن قوة سياسية حقيقية، أم أنه مجرد تجاوز غير محسوب يهدد العلاقات الدولية؟
إهانة زيلينسكي في زمن الحرب
لم يسلم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أسلوب ترامب الهجومي، رغم أن بلاده تخوض صراعًا مستمرًا مع روسيا. ففي تصريحات أثارت غضب كييف، وصف ترامب زيلينسكي بأنه “متسول محترف”، في إشارة إلى مطالبه المستمرة للحصول على الدعم العسكري والمالي من الغرب. وأضاف ساخرًا أن زيلينسكي “لا يشكر أحدًا رغم كل ما يُقدَّم له”، في إهانة مباشرة لشخصه ودوره كرئيس دولة تعاني من أزمة وجودية. هذا التصريح لم يمر مرور الكرام، إذ ردت أوكرانيا بغضب، معتبرة أن تصريحات ترامب تقوض الدعم الدولي لقضيتها.
إحراج ملك الأردن
في أحد لقاءاته مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، لم يتردد ترامب في استخدام أسلوبه المباشر الذي يحرج ضيوفه. وبينما كان اللقاء يفترض أن يعزز العلاقات بين البلدين، أطلق ترامب تصريحات اعتبرها البعض تقليلًا من شأن الأردن ودوره الإقليمي. ووفقًا لمصادر مقربة، فإن ترامب تحدث بنبرة لا تخلو من التعالي عن أهمية الدعم الأمريكي للأردن، مشيرًا إلى أن واشنطن “تمنح وتمنع”، في رسالة غير دبلوماسية تعكس أسلوبه القائم على معادلة “الأموال مقابل الولاء”. ورغم أن اللقاء لم يشهد مشادة علنية، فإن طريقة ترامب في الحديث تركت انطباعًا سلبيًا في الأوساط الدبلوماسية.
رد القاهرة الحازم
اتسمت العلاقات المصرية الأمريكية على مدار السنوات الماضية بالتعاون الاستراتيجي، لكن أسلوب ترامب الحاد في التعامل مع القادة دفع القاهرة إلى اتخاذ موقف يعكس رؤيتها للعلاقات الدبلوماسية. فبعد سلسلة من التصريحات التي أثارت الجدل، فضّل الرئيس عبد الفتاح السيسي عدم تلبية دعوة لزيارة واشنطن، في خطوة تؤكد أهمية الاحترام المتبادل في العلاقات بين الدول. ورغم الشراكة الوثيقة بين البلدين، فإن هذا القرار يعكس نهجًا مصريًا يؤكد على أسس التعامل الدبلوماسي القائم على التقدير المتبادل والتواصل البناء.
هل يعكس أسلوب ترامب تهورًا؟
نري أن إهانة ترامي المتكررة للزعماء تضر بالمكانة الدبلوماسية لأمريكا، وتدفع بعض الدول لإعادة تقييم تحالفاتها. فبينما كانت واشنطن تعتبر الحليف الأول للعديد من الدول، أصبح التعامل مع ترامب تحديًا دبلوماسيًا بحد ذاته، حيث لا يمكن التنبؤ بردود أفعاله أو طريقته في إدارة العلاقات الدولية