بقلم – صموئيل العشاي:
مع كل دورة انتخابية جديدة لنقابة الصحفيين، نشهد الظاهرة ذاتها: يُنتخب نقيب، ثم يتقاسم الزملاء الصحفيون المقاعد، وتُترك الصحفيات بمقعد وحيد، يُطلق عليه بمزيج من المجاملة الزائفة والتفاخر غير المبرر “التمثيل المشرف”. ولكن هل يُعقل أن يكون هذا هو أقصى ما يمكن أن تحصل عليه المرأة الصحفية، وهي التي خاضت معارك فكرية وصحفية وسياسية عبر التاريخ وأسهمت في تشكيل الرأي العام في مصر؟
المرأة الصحفية لم تعد مجرد عنصر مساعد في المشهد الإعلامي، بل هي جزء أصيل منه، بل ومحرّك رئيسي في صناعة المحتوى والتأثير في الرأي العام. ومع ذلك، نجدها تُحجم عن الحصول على نصيبها العادل في مجلس النقابة، وكأن تمثيلها هو منة تُمنح لا حق يُؤخذ.
لم يعد مقبولًا أن تستمر هذه الصورة النمطية التي تجعل وجود الصحفيات في مجلس النقابة مجرد استثناء، في حين أن الواقع يؤكد أن المرأة تشغل نسبة كبيرة من المشهد الصحفي والإعلامي في مصر. فلماذا لا يكون هذا الحضور ممثلًا بشكل عادل في مجلس النقابة؟
حان الوقت لنفكر خارج الصندوق، ونتجاوز الأفكار القديمة التي تحصر المرأة في دور رمزي. نحن نطالب بمناصفة حقيقية، بحيث يكون نصف مقاعد المجلس على الأقل للصحفيات، ليس كحل مؤقت بل كنظام دائم يضمن استدامة التمثيل العادل للمرأة داخل النقابة.
هذه الدورة الانتخابية تختلف عن سابقاتها، فلدينا عدد جيد من المرشحات المتميزات اللاتي يخضن الانتخابات على مقاعد العضوية. ووجودهن ليس مجرد محاولة لكسر العرف، بل هو إضافة حقيقية لمجلس النقابة، حيث يمثلن طاقات شابة وخبرات متنوعة تسهم في تطوير العمل النقابي وتعزيز دور الصحفيين في مواجهة تحديات المهنة.
إن وجود الصحفيات داخل المجلس سيضيف رؤى جديدة وأفكارًا مبتكرة، ويحقق توازنًا ضروريًا في اتخاذ القرارات التي تمس الصحفيين والصحفيات على حد سواء. فالمجلس يجب أن يكون صورة حقيقية تعكس المشهد الصحفي بكل تنوعه، وليس مجرد انعكاس لهيمنة تيار معين.
إن ضمان تمثيل المرأة في مجلس النقابة لا يجب أن يكون مرهونًا بتغير العقليات ببطء، بل يجب أن يُفرض عبر آليات واضحة، ومنها تطبيق التمييز الإيجابي لمدة 10 دورات انتخابية متتالية، بحيث يُخصص نصف مقاعد المجلس للصحفيات.
هذا الإجراء ليس ترفًا، بل هو تصحيح لمسار مختل استمر لعقود. فالتاريخ يؤكد أن التغيير لا يأتي بالتمني، بل بقرارات جريئة تحدث فارقًا على أرض الواقع. وحين نحقق هذا التوازن، ستصبح مشاركة المرأة أمرًا بديهيًا، ولن نحتاج لاحقًا إلى أي قوانين أو تدابير استثنائية لضمان وجودها.
هذه الانتخابات فرصة ذهبية للصحفيات لإثبات أنهن قادرات على المنافسة بقوة وانتزاع مقاعد مستحقة. لا يكفي الترشح بهدف كسر الصورة النمطية، بل يجب أن يكون الترشح مدعومًا بروح قوية وعزيمة لا تلين.
على الصحفيات أن يرفعن سقف طموحاتهن، وأن يرفضن أي حلول وسط أو مقاعد “ترضية”. عليهن خوض الانتخابات برؤية واضحة وبرامج طموحة تُعبّر عن قضايا الصحفيين جميعًا، رجالًا ونساءً، وتسهم في تطوير العمل النقابي.
نحن لا نحلم بالمستحيل، نحن فقط نطالب بحق طبيعي تأخر لعقود، لذا نقولها بصوت عالٍ: يكفي أفكارًا ذكورية، يكفي تمثيلًا شكليًا، وحان وقت المناصفة الفعلية داخل مجلس نقابة الصحفيين!