حاسبوا النواب.. حتى لا تتحول الكراسي إلى مناجم ذهب

بقلم ل . د – ممدوح شفيق النحاس:

لم يعد مقبولًا أن تكون عضوية البرلمان مجرد بطاقة مرور إلى الثروة والسطوة والنفوذ، بينما يبقى الشعب الذي فوّض ممثليه في عوز وضيق. وإذا كانت الحكومات تخضع لرقابة برلمانية، فمن حق الشعب أن يخضع ممثليه لرقابة شعبية حقيقية، تبدأ بكشف الحساب المالي عند بداية الدورة وتنتهي بجرد شامل عند خروجهم من أبواب البرلمان.

تخيّلوا مشهد النهاية: أعضاء المجلس، قبل أن يلوّحوا بأياديهم مودّعين الكاميرات والعدسات، يُطلب منهم أن يقدّموا كشف حساب مالي موثّق، تضعه الأجهزة الرقابية على الطاولة:
• كم دخلوا البرلمان؟
• كم امتلكوا عند الخروج؟
• ما حجم العقارات، والشركات، والأسهم، والأراضي التي انتقلت إلى أسمائهم أو أسماء ذويهم؟
• وما مصدر كل جنيه؟

هنا فقط يصبح البرلمان مدرسة للنزاهة لا بوابة للثراء.

إن وجود كشف حساب مالي إجباري عند نهاية مدة العضوية، ليس تشهيرًا ولا انتقامًا، بل هو تكريس لمبدأ أن النيابة تكليف لا تشريف، وخدمة لا صفقة. وإذا تبيّن أن نائبًا خرج كما دخل، بمرتب محدود وذمة مالية نظيفة، يستحق أن يُرفع له القبّعة احترامًا. أما من يثبت أن عضويته كانت جسرًا إلى المليارات، فإن الأجهزة الرقابية ستكون أمام امتحان شفاف: هل تحاسب أم تغضّ الطرف؟

ولعل الفكرة الأخطر أن يُنشر هذا الكشف على الملأ، في الصحف والمواقع الرسمية، ليعرف الناخب البسيط أيّ النواب خدمه وأيّهم استغل صوته كشيك على بياض.

في النهاية، علي البرلمان الذي يفرض على أعضائه كشف حساب مالي علني عند ختام الرحلة، يضمن أن الكراسي لن تتحول إلى مناجم ذهب، وأن الشعب لن يُلدغ من الجحر نفسه كل دورة

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى