زلزال داخل أروقة “الجزيرة”.. صعود “القاهرة الإخبارية” يربك حساباتها

لم يكن فجر الخميس عاديًا داخل مكاتب الجزيرة في الدوحة. خبر قصير في بيان رسمي قلب الطاولة: إنهاء مهام الدكتور مصطفى سواق، وتعيين الشيخ ناصر بن خليفة آل ثاني مديرًا عامًا جديدًا. جملة باردة في صياغتها، لكنها أشعلت عاصفة من التساؤلات: لماذا الآن؟ من يقف خلف القرار؟ وأي وجه جديد ستأخذه القناة؟

الحدث لم يأتِ من فراغ، بل يفتح الباب أمام دوامة من التكهنات والسيناريوهات:

السيناريو الأول: “القاهرة الإخبارية” تُحاصر الجزيرة

في الكواليس، يتردد أن الصعود السريع لقناة “القاهرة الإخبارية” لم يكن مجرد نجاح عابر، بل صفعة على وجه الجزيرة التي اعتادت لسنوات أن تكون المتحكم الأبرز في المشهد. القناة المصرية الجديدة سرقت الأضواء، اجتذبت جمهورًا عربيًا واسعًا، وكسرت احتكارًا إعلاميًا ظل لصالح الجزيرة.
فهل كانت الإطاحة بسواق اعترافًا صريحًا من مجلس الإدارة أن القناة فقدت السباق، وأنه لا بد من تغيير الرأس قبل أن يغرق المركب؟

السيناريو الثاني: “جراحة تجميل” لإنقاذ الجسد

مصادر داخلية تلمّح أن الأمر أبسط مما يتخيله البعض: القناة بحاجة إلى عملية تجميل كبرى. الوجوه تكلّست، والخطاب تكرر، والرقم القياسي الذي حققته الجزيرة قبل عقدين لم يعد صالحًا اليوم.
الإطاحة بسواق هنا قد تكون أشبه بعملية “تغيير دم” لإعادة ضخ حياة جديدة في الجسد الإعلامي، تمهيدًا لمرحلة أكثر جرأة ورغبة في استعادة الجمهور المفقود.

السيناريو الثالث: السياسة تكتب السيناريو

لا يمكن إنكار أن الجزيرة ليست مجرد قناة، بل أداة سياسية استراتيجية لقطر. بعض التسريبات تشير إلى أن القرار لم يصدر من قاعات التحرير، بل من غرف السياسة.
هل جاءت الإقالة نتيجة ضغوط إقليمية؟ أم جزءًا من تفاهمات سرية بين الدوحة وعواصم أخرى؟ ربما لم يعد سواق مناسبًا لوجه المرحلة المقبلة، فاقتضى الأمر تغييره بوجه “مضمون الولاء” ومطابق للرؤية الجديدة.

السيناريو الرابع: فشل في معركة الرقمنة

هناك من يرى أن السبب أقل إثارة، لكنه أكثر خطورة: العجز عن مجاراة الإعلام الرقمي.
الجمهور هجَر الشاشة التقليدية وهاجر إلى الهاتف، بينما بقيت الجزيرة أسيرة تاريخها التلفزيوني. الفجوة بين سرعة المنصات الرقمية وارتباك الشبكة كانت واضحة، والإدارة السابقة لم تنجح في ردمها.
الإطاحة بسواق إذن قد تكون إنقاذًا في آخر لحظة قبل أن تتحول القناة إلى “ديناصور إعلامي” لا مكان له في عالم السرعة الرقمية.

قرار الإطاحة بسواق يفتح على دوامة لا تنتهي من الأسئلة. هل هو سقوط بفعل منافسة القاهرة؟ أم جراحة تجميل داخلية؟ أم رسالة سياسية من الدوحة؟ أم اعتراف بالفشل الرقمي؟
الجواب قد يبقى طي الكتمان داخل مكاتب الجزيرة، لكن المؤكد أن القناة تدخل الآن أخطر مرحلة في تاريخها: مرحلة البحث عن بوصلة جديدة في بحر إعلامي عاصف.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى