أكسيوس: عرض أمريكي أخير لحماس.. وترامب يلوّح بتهديد مباشر

مرة أخرى تخرج واشنطن لتتصدر مشهد الحرب في غزة، وهذه المرة عبر ما وصفته صحيفة أكسيوس الأمريكية بأنه “العرض الأخير” الموجه إلى حركة حماس. عرض يبدو وكأنه إنذار أمريكي أكثر منه مبادرة سلام، يحمل في طياته لغة التهديد والوعيد، ويضع الحركة بين خيارين أحلاهما مرّ: إما القبول بما تريده إسرائيل برعاية أمريكية، أو مواجهة اجتياح شامل سيكون ثمنه آلاف الضحايا الجدد.

تفاصيل العرض تكشف عن صفقة ضخمة: إطلاق سراح جميع الرهائن الـ48 المحتجزين لدى حماس مقابل وقف إطلاق النار وإنهاء العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة، مع الإفراج عن ما بين 2500 و3000 أسير فلسطيني، بينهم محكومون بالمؤبد. على الورق قد تبدو التسوية مغرية، لكنها في جوهرها تحمل شرطين متناقضين يصعب التوفيق بينهما: إسرائيل تريد نزع سلاح حماس، بينما تطالب الحركة بانسحاب كامل ونهائي للجيش الإسرائيلي من القطاع.

الأخطر من الصفقة هو الطريقة التي روّج لها ترامب بنفسه. الرئيس الأمريكي كتب على حسابه في تويتر جملة حملت صراحة تهديدية غير مسبوقة: “الجميع يريد عودة الرهائن إلى ديارهم. الجميع يريد نهاية هذه الحرب! لقد قبل الإسرائيليون شروطي. وحان الوقت لحماس أن تقبلها أيضًا. لقد حذرت حماس من عواقب عدم قبولها. هذا تحذيري الأخير، ولن يكون هناك تحذير آخر!” هذه ليست لغة وساطة، بل لغة إنذار عسكري، وكأن واشنطن تكتب سطور البيان الأول لغزو أكبر لقطاع غزة.

المسؤولون الإسرائيليون لم يخفوا رسالتهم، فأكدوا أن البديل عن القبول هو “عملية واسعة النطاق”، أي حرب أوسع وأشرس. بكلمات أخرى: العرض الأمريكي هو طوق نجاة مقيّد بالسلاسل، إن قبلت حماس فستدخل في مفاوضات طويلة قد تُفرغ أي مكاسب من مضمونها، وإن رفضت فإن شبح الدم والدمار سيعود مضاعفًا.

السؤال هنا: هل نحن أمام مبادرة سلام حقيقية أم أمام صفقة سياسية مصاغة بمداد التهديد؟ وهل يُعقل أن يخرج رئيس دولة كبرى ليعلن عبر تويتر ما يشبه “أمرًا عسكريًا” لحركة سياسية، في وقت تُغرق فيه غزة بدماء أهلها؟

في النهاية، لا يمكن قراءة العرض الأمريكي بمعزل عن الواقع: واشنطن تبحث عن مخرج يحفظ ماء وجهها أمام العالم، إسرائيل تبحث عن نصر سياسي بعد فشل عسكري طويل، وحماس تبحث عن البقاء في ظل حصار وضربات لا تتوقف. وبين هذه الحسابات، يبقى المدنيون في غزة هم وحدهم من يدفعون الثمن

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى