صموئيل العشاي يكتب: ماذا نفهم من كلام ترامب؟

حين يخرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريحات علنية يوجه فيها إنذارًا صريحًا لحركة حماس، ويؤكد أن الإسرائيليين قد قبلوا بشروطه ولم يتبق سوى قرار الحركة، فإن الرسالة الحقيقية التي يمكن أن نقرأها ليست في تفاصيل العرض وحدها، بل في ما بين السطور. ما نفهمه من كلام ترامب أن جهود مصر الحثيثة لإغلاق هذا الملف قد اقتربت من لحظة الحسم، وأن الدور المصري، الذي ظل حاضرًا منذ اليوم الأول للحرب، بات اليوم أكثر تأثيرًا من أي وقت مضى.
فخلال العامين الماضيين لم تتوقف القاهرة عن التحرك، لا في الكواليس السياسية ولا عبر قنوات الاتصال المباشرة مع مختلف الأطراف. مصر كانت وما زالت الجهة التي تنسق مع واشنطن، وتضغط على تل أبيب، وتتواصل مع الفصائل الفلسطينية، سعيًا لوقف نزيف الدم وحماية المدنيين. واليوم، حين يتحدث ترامب بهذه اللغة الحادة، فإن ذلك يعني أن الأرضية التي مهدتها مصر بدأت تؤتي ثمارها.
ولا يمكن أن نغفل هنا نجاح الرئيس عبد الفتاح السيسي في إفشال مخططات التهجير القسري لسكان قطاع غزة، وهي القضية التي شغلت الرأي العام العالمي طوال الأشهر الماضية. بفضل الموقف المصري الثابت، الذي رفض بشكل قاطع أي مساس بالوجود الفلسطيني في القطاع، تراجعت الضغوط والمشاريع التي كانت تستهدف دفع الفلسطينيين إلى سيناء أو غيرها. لقد حسمت مصر هذه المسألة في بدايتها، وقالت كلمتها بوضوح: لا تهجير من غزة ولا بديل عن بقاء الفلسطينيين على أرضهم.
من هنا، فإن كلمات ترامب يمكن أن تُقرأ أيضًا كإقرار غير مباشر بأن القاهرة نجحت في أن تكون اللاعب المحوري، وأن لا تسوية ولا وقف لإطلاق النار يمكن أن يرى النور من دون بوابة مصر. والواقع أن مصر لم تنتظر شكرًا من أحد، لكنها اليوم تحصد اعترافًا عمليًا بوزنها ودورها الذي لم يتوقف منذ اندلاع الحرب.
في الخلاصة، ما نفهمه من كلام ترامب ليس مجرد ضغوط على حماس، بل هو انعكاس لحقيقة أن الجهود المصرية اقتربت من تحقيق هدفها الأسمى: وقف الحرب، حماية الفلسطينيين، وتثبيت معادلة جديدة تجعل من القاهرة مركز الثقل في أي حل قادم.