عثمان الشويخ يكتب: السيادة القطرية خط أحمر

تتجاوز الأحداث التي نشهدها مجرد أخبار عابرة لتصبح مؤشرات خطيرة على تحول جذري في قواعد اللعبة الإقليمية. تُظهر إسرائيل سلوكًا عدوانيًا متصاعدًا يستهدف سيادة الدول العربية ويضرب بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية. إن الهجوم الإسرائيلي على قطر، الذي أسفر عن استشهاد أحد عناصر الأمن القطري، ليس مجرد عملية عسكرية، بل هو انتهاك صارخ للسيادة القطرية واعتداء على الأمن العربي برمته.

لقد كشفت هذه العملية عن نوايا توسعية وذهنية عدوانية لا تعترف بالحدود أو الحصانات. يؤكد نتنياهو بنفسه أنه لا حصانة لقادة الفصائل الفلسطينية في أي مكان، وهذا الموقف يمثل رسالة استفزازية للشرق الأوسط بأكمله، كما وصفها رئيس الكنيست الإسرائيلي.

أين العدالة؟

في خضم هذه الغطرسة، يتساءل العالم العربي عن دور القوى الدولية. أين العدالة التي طالما تغنى بها الغرب؟ الموقف الأمريكي بإبلاغ قطر مسبقًا بالهجوم، كما ذكرت وول ستريت جورنال، يُظهر تواطؤًا أو على الأقل غض طرف يمنح إسرائيل “حصانة” للاعتداء دون محاسبة. وهو ما وصفته العديد من الدول العربية بأنه اعتداء يجب محاسبة إسرائيل عليه حتى لا يضاف إلى سجلها المعتاد من الإفلات من العقاب.

لقد حان الأوان لكي يفيق هذا العالم الظالم من سباته، وأن يدرك أن الصمت على هذه الاعتداءات هو ضوء أخضر لمزيد من الفوضى والعدوان. إن استهداف قطر، الدولة العربية ذات السيادة، هو تهديد مباشر للاستقرار الإقليمي، الأمر الذي دفع دولًا مثل السعودية والإمارات والبحرين إلى إدانة الهجوم والتأكيد على تضامنها الكامل مع الدوحة.

قطر.. رمز الصمود

رغم هذا الاعتداء الآثم، تبقى قطر متمسكة بسيادتها واستقلال قرارها. فقد أثبتت التجارب أن الدوحة قادرة على مواجهة الضغوط الخارجية والتعامل بحكمة وصلابة في آن واحد. إن ما تتعرض له اليوم ليس مجرد اختبار، بل محاولة مكشوفة لفرض سياسة الأمر الواقع، وهو ما لن تقبل به قطر قيادةً وشعبًا.

وحدة الموقف العربي

إن ما جرى يؤكد أن العمل الفردي لم يعد كافيًا في مواجهة هذا الخطر الوجودي. لقد بات الاتحاد بين الدول العربية والإسلامية ضرورة ملحة وواجبًا وجوديًا لمواجهة عدو أصبح يمارس علانية سياسات الهيمنة والتوسع.

آن الأوان لدفن الخلافات والتركيز على الخطر المشترك الذي يهدد كياننا. إن أمن قطر هو جزء من أمن الأمة كلها، والمساس به هو خطر لا يمكن القبول به. يجب على الدول العربية أن تتحد في موقف موحد لردع هذه الغطرسة، وإلا ستتآكل قوتنا وتتفكك صفوفنا واحدًا تلو الآخر

اظهر المزيد

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى