الجيش العربي لن يولد… وكيل المخابرات السابق يكشف: القواعد الأجنبية العائق الأكبر

في ظل تصاعد التحديات التي تواجه المنطقة العربية، يعود الحديث من جديد عن فكرة “الجيش العربي الموحد”. طرح ظل يتردد في القمم والمؤتمرات، لكنه لم يتحقق يومًا على أرض الواقع. في هذا الحوار الناري، يفتح اللواء محمد رشاد، وكيل المخابرات العامة السابق، النار على العقبات التي تحول دون ولادة هذا المشروع، كاشفًا أن ما يُطرح ليس سوى شعارات فارغة ما لم تتغير موازين السياسة وتُنتزع المنطقة من قبضة النفوذ الأجنبي.

س/ هل أنتم مع فكرة إنشاء جيش عربي موحد؟
ج/ من حيث المبدأ نعم، أنا مع الفكرة تمامًا. العرب يحتاجون إلى قوة عسكرية مشتركة تحمي مصالحهم وتردع أي تهديد. لكن الحقيقة أن التنفيذ بالغ الصعوبة في ظل الواقع الحالي.

س/ لماذا ترون أن التنفيذ شبه مستحيل؟
ج/ لأن وجود قواعد عسكرية أجنبية على أراضٍ عربية يقوّض الاستقلالية. كيف نتحدث عن جيش موحد بينما القرار العسكري مرهون بتوازنات دولية وإقليمية؟ من يسمح للأجانب بالتحكم في أرضه لا يملك قراره الحر.

س/ هل وجود هذه القواعد يعني أن القرار العربي مرهون بالخارج؟
ج/ بالتأكيد، القواعد الأجنبية لا تحمي العرب بل تحمي مصالح القوى الكبرى. وبالتالي أي قرار عسكري عربي موحد سيكون تحت مظلة حسابات الآخرين، لا الإرادة العربية الخالصة.

س/ وهل اختلاف الجيوش يمثل مشكلة حقيقية؟
ج/ بالطبع. اختلاف العقائد القتالية بين الجيوش هو أخطر العقبات. لكل جيش أولوياته في التدريب، التسليح، والعلاقات الخارجية. هذه الفوارق ليست شكلية، بل تجعل من الصعب توحيد الصف تحت قيادة واحدة.

س/ هل يمكن التغلب على هذا الاختلاف بالتدريب أو بإنشاء قيادة موحدة؟
ج/ هذا يحتاج إلى سنوات طويلة من العمل والتنسيق، والأهم إلى قرار سياسي شجاع. لكن للأسف، الواقع الحالي لا يسمح حتى بخطوة أولى في هذا الاتجاه.

س/ ما حجم تأثير السياسة في هذا الملف؟
ج/ السياسة هي العائق الأكبر. مصالح الدول العربية متناقضة بشدة؛ بعض الدول مرتبطة بتحالفات مع الغرب، وأخرى مع روسيا أو الصين، وهناك دول غارقة في صراعات داخلية أو تهديدات حدودية. وسط هذا التناقض، من الصعب جدًا الاتفاق على عدو واحد أو هدف استراتيجي جامع.

س/ إذاً، العرب لا يتفقون حتى على العدو المشترك؟
ج/ نعم، وهذه هي الكارثة. جيش بلا عدو واضح وبلا استراتيجية مشتركة هو جيش مشلول قبل أن يولد.

س/ هل من الواقعي الحديث عن انضمام تركيا أو إيران إلى هذا المشروع؟
ج/ غير واقعي على الإطلاق. تركيا مقيدة بعضويتها في الناتو ولن تدخل في أي مشروع عسكري عربي قد يتعارض مع مصالح الحلف. أما إيران، فهي ترى نفسها أعلى من أي تحالف عربي، وتتعامل مع المنطقة بعقلية الهيمنة لا الشراكة.

س/ إذًا، هل الجيش العربي الموحد مجرد شعار؟
ج/ نعم، في الوضع الحالي هو مجرد شعار سياسي يُرفع في المؤتمرات والقمم أكثر من كونه مشروعًا عمليًا.

س/ لكن ما الخطوة الأولى إذا أردنا تحويل الشعار إلى حقيقة؟
ج/ الخطوة الأولى هي بناء توافق سياسي حقيقي، ثم صياغة رؤية موحدة للأمن القومي، وبعدها إخراج النفوذ الأجنبي من المنطقة. من دون ذلك، لا قيمة لأي مشروع عسكري مشترك.

س/ وهل هناك دول عربية تملك الإرادة لاتخاذ مثل هذه القرارات الجريئة؟
ج/ للأسف، معظم الأنظمة العربية أسيرة حساباتها الداخلية وعلاقاتها الخارجية. الإرادة غائبة، والشجاعة في اتخاذ القرار غير موجودة إلا في حدود ضيقة جدًا.

س/ كلمة أخيرة؟
ج/ الجيش العربي الموحد لن يُبنى بالشعارات أو الخطابات، بل بقرارات جريئة وسياسات واقعية تعيد للعرب استقلالهم العسكري والسياسي. وحتى يحدث ذلك، سيظل المشروع مجرد حلم يتردد دون أن يرى النور

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى