لماذا الحشد تحت شعار “الدول الإسلامية” يضر القضية ويخدم الاحتلال؟

القضية الفلسطينية ليست نزاعًا دينيًا، بل هي قضية إنسانية عادلة لشعب يطالب بحريته وكرامته وحقه في تقرير المصير. وقد حظيت فلسطين عبر العقود بتأييد عالمي واسع من شعوب حرة ترى فيها رمزًا للنضال ضد الاستعمار والظلم.
لكن محاولات حصر القضية في إطار “إسلامي” ضيق، أو رفع شعارات “الدول الإسلامية”، يُفقدها بعدها الإنساني، ويمنح إسرائيل ــ وعلى رأسها بنيامين نتنياهو والتيار اليميني المتطرف ــ الذريعة لتصوير الصراع على أنه حرب دينية. حينها يطل على شعبه مدعيًا: “هم يكرهوننا لأننا يهود ويريدون القضاء علينا”، فيظهر بمظهر المنقذ ويحشد الداخل حوله.
الحقيقة أن فلسطين ليست قضية المسلمين وحدهم، بل هي أيضًا قضية المسيحيين، والأعمق أنها قضية إنسانية وأخلاقية تخص العالم بأسره. تحويلها إلى حرب عقائدية يختزلها، ويضيّق دائرة الدعم الدولي، ويُبعد الملايين من المتضامنين غير المسلمين الذين يرون في فلسطين عنوانًا للعدالة والتحرر.
من هنا، تأتي ضرورة إعادة ضبط الخطاب الإعلامي والسياسي، ليُبنى على أسس الحق والعدالة والكرامة الإنسانية، لا على أسس الانتماء الديني فقط. بهذه المقاربة نستطيع أن نحشد تأييدًا عالميًا أوسع، ونُشكّل جبهة أخلاقية وقانونية في مواجهة الاحتلال، بدلًا من أن نُقدم له الذريعة التي يتمنّاها.
إن هذه الأفعال الانفعالية والصبيانية لا تخدم سوى الاحتلال الذي يبحث عن أي فرصة ليُخيف شعبه ويبرر جرائمه تحت شعار “حرب على اليهودية”.
في النهاية: فلسطين قضية إنسانية عادلة وليست حربًا دينية. وكلما تمسّكنا بهذا الجوهر، اقتربنا أكثر من العدالة والسلام، وأبعدنا إسرائيل عن السردية التي تريد فرضها على العالم