المخابرات الفرنسية: الإخوان مشروع سياسي مقنّع بثوب ديني

تقرير لمجلة EU Today يكشف كيف تبني الجماعة أسس الثيوقراطية عبر التعليم والمجتمع والعمل الخيري
نشرت مجلة EU Today تقريرًا استند إلى تقييمات استخباراتية فرنسية حول جماعة الإخوان المسلمين، قدّم قراءة معمقة لطبيعة المشروع السياسي والفكري للجماعة.
أوضح التقرير أن الإخوان، الذين تأسسوا في مصر في عشرينيات القرن الماضي، ليسوا مجرد حركة دينية دعوية، بل كيان سياسي–أيديولوجي يهدف إلى إعادة تشكيل المجتمع والدولة على أسس دينية. ويرى التقييم أن الهدف المركزي للجماعة يتمثل في الوصول إلى السلطة عبر استراتيجية طويلة الأمد تقوم على التغلغل داخل المجتمع ومؤسساته. ومنذ نشأتها، اعتمدت الجماعة على أدوات متعددة مثل التعليم، الرعاية الاجتماعية، والأسرة لاختراق البنية الاجتماعية. فهي تنشط في المدارس والمراكز التربوية عبر مناهج غير رسمية ودروس دينية، وتقدّم مساعدات عبر جمعيات خيرية بغطاء إنساني، وتعمل على ترسيخ قيم الولاء للتنظيم داخل الأسرة، بما يجعل الانتماء للجماعة يتجاوز أحيانًا الانتماء الوطني.
ويشير التقرير إلى أن العقيدة التنظيمية للإخوان تقوم على الفصل بين المسلمين وغير المسلمين، والترويج لفكرة العزلة المجتمعية. أما الديمقراطية، فليست لديهم سوى وسيلة تكتيكية مرحلية يتم القبول بها حتى يكتمل مشروع إعادة تشكيل النظام السياسي وفق مرجعية دينية. وهنا تكمن المفارقة: فالجماعة تزدهر في البيئات التي تتوافر فيها الحريات، وتستغل المساجد والمراكز الثقافية والأنشطة الشبابية لبناء قواعد نفوذ جديدة، بينما يصاغ خطابها الخارجي بلهجة معتدلة لإخفاء الأهداف النهائية.
كما يؤكد التقرير أن الإخوان لا يسعون إلى كسب أغلبية شعبية واسعة، بل يركّزون على بناء كتلة من الكوادر المنضبطة داخل مؤسسات الدولة والمجتمع، كالتعليم والنقابات والإعلام. هذه النواة الصلبة تمنحهم قدرة على فرض رؤيتهم على أغلبية غير منظمة، ما يضاعف تأثيرهم السياسي والفكري. ويضيف أن التاريخ يثبت أن الدول غالبًا ما تنهار بفعل التآكل الداخلي أكثر من الغزو الخارجي، وهو ما تدركه الجماعة جيدًا. لذلك فهي لا تحتاج إلى مواجهة مسلحة مفتوحة، بل تعمل على تقويض شرعية الدولة من الداخل وإقناع الأجيال الجديدة بأن النظام القائم لا يستحق الدفاع عنه.
وفي التقييم النهائي، اعتبر التقرير أن مشروع الإخوان يمثل تهديدًا بنيويًا قائمًا على التغلغل التدريجي واستغلال الحريات لتقويضها، وبناء بديل أيديولوجي منظم. خطورة هذا النهج تكمن في أنه لا يعتمد على الصدام المباشر، بل على عملية تفكيك طويلة الأمد للثقة بين الدولة ومواطنيها، بما يفتح المجال أمام فرض نموذج ثيوقراطي متى توفرت الظروف المناسبة.
ويخلص التقدير الاستخباراتي إلى أن الخطر الأساسي للجماعة لا يكمن في قوتها العددية، بل في قدرتها على اختراق مؤسسات التعليم والثقافة والدين والإعلام، وتوجيه وعي الأجيال الصاعدة لصالح أجندة تتناقض مع مبادئ الدولة المدنية. وهو ما يجعل من الإخوان تحديًا مستمرًا للأمن الفكري والسياسي، وملفًا مفتوحًا يتطلب مراقبة دقيقة واستراتيجية مواجهة طويلة الأمد