العريش… الموصل… ٧ أكتوبر… غزة — لماذا لا يتعاطف الأقباط مع حماس؟

بقلم رامي كامل :

في ليلة شتوية، قررت مجموعة إرهابية يسمون أنفسهم “ولاية سيناء” الجهاد في النصارى في العريش. في أقل من أسبوع وقعت عمليات تصفية وتهديد وتهجير للأقباط في العريش، وخرج الجميع من العريش تاركين وراءهم أرضهم وبيوتهم. اعتبر إرهابيو «ولاية سيناء» أن هذه أرض المسلمِين، فقتلوا وطردوا النصارى منها.

قبل ذلك بقليل، كانت “الدولة الإسلامية” تجتاح الموصل وتقبض على أسرى وأسيرات وتفرض الدين بالقوة. كلنا شاهدنا مشاهد الهروب على الشاشات، ولم نرَ أي تعاطف ملموس مع المسيحيين أو الإيزيديين.

فجأة، يوم ٧ أكتوبر، خرجت مجموعات من حركة المقاومة الإسلامية “حماس” — وهنالك من يزعم ارتباطها بتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” — حتى وُجدت مختطفة إيزيدية اختطفها “الدواعش” من الموصل وتم تحريرها في غزة؛ لم يتحدث أحد عن هذا الموضوع لكي لا يكشف الارتباط بين حماس وداعش، بحسب زعم البعض. خرج عناصر حماس وهجموا على مزارع غلاف غزة، وقتلوا أكثر من ألف مدنِي، وأخذوا رهائن.

خرج قادة حماس مبتهجين بالنصر، وقالوا إن إسرائيل “ستتركع” كصفقة —والتصريحات موجودة—. وخرج أغلب السياسيين العرب يعبرون عن فرحهم بعملية ٧ أكتوبر ويمدحون “عظمة العملية التي هزمت إسرائيل”. وخرج عدد من الحقوقيين يعبرون عن فرحهم بانتصار “المقاومة”.

كل هؤلاء كانوا جزءًا من مشهد الشماتة في حق الأقباط، لكن بصورة أخف أو متدرّجة قليلًا؛ وكانوا ينتظرون انتصار داعش وسيطرتها على مصر ليقدّموا لها الدعم الكامل كما يدعمون الآن بعض المتطرفين.

ما يحدث في غزة يلقى لدى الأقباط تعاطفًا إنسانيًا، لكن الفرق بين الذين يتعاطفون وبين من يدعمون حماس هو أن الأخيرين يكررون خطابها ويؤيدون ما تقوله الحماس الإرهابية، بينما القبطِي المتعاطف يفهم أن حماس جزء رئيسي من المشهد، وأن ما حدث سببه ٧ أكتوبر.

من يحاول أن يقول إن الاحتلال أقدم من ٧ أكتوبر أقول له: غزة لم تكن محتلة بالشكل الذي يُفهم هنا، ويوم ٧ أكتوبر دخل من غزة إلى الأراضي الإسرائيلية نحو ٣٠ ألف عامل يشتغلون ويعيلون أهلهم، ودخل القطاع ١٦٠٠ شاحنة. وقبل ٧ أكتوبر، بلسان هنية، عُرض على حماس مطار وميناء مقابل السلام واستقرار الأوضاع — يعني لم تكن محاصرة بالكامل.

ما حصل في ٧ أكتوبر هو ما حصل في الموصل وهو ما حصل في العريش: جماعات إسلامية متطرفة تريد أن تعيش وحدها وتعتبر أن الكون خُلق لأجلها، وأن القضاء على الآخرين واجب إنساني من أجل “البشرية” بحسب ادعائهم.

فهمت ليه مش هندعم حماس أبدًا؟ لأن ٧ أكتوبر مشاهد من العريش والموصل.