أحلام الخرفان.. مصر لن تحارب إسرائيل
بقلم صموئيل العشاي:
تتردّد من حين لآخر على مواقع التواصل وفي بعض المنصات الإعلامية أصوات تنادي بأن مصر ستدخل حرباً مع إسرائيل. هذه الأصوات ليست سوى “أحلام خرفان”، على الجانبين: خرفان عندنا، يتوهمون أن القاهرة ستغامر بحرب كبيرة خدمةً لأجندة حماس أو لمصالح أطراف إقليمية، وخرفان عندهم في إسرائيل، يحلمون أن التطرف اليميني قادر على جرّ المنطقة إلى صدام شامل يثبت قوتهم على حساب الاستقرار.
على الجانب الأول، نجد جماعات من مشجعي حماس، يرون أن مصر يجب أن تتحرك عسكرياً، وكأنها وكيلة عنهم في معركة لا يملكون أدواتها. ينسون أن مصر دولة ذات سيادة، تقرّر وفق أولوياتها ومصالحها العليا، لا وفق عواطف أو ضغوط من الخارج. هؤلاء لا يدركون أن الجيش المصري ليس أداة بيد أحد، بل قوة وطنية وظيفتها الأولى حماية حدود مصر وشعبها.
وعلى الجانب الآخر، يتغذّى اليمين الإسرائيلي المتطرف على وهم الحرب الدائمة. يتخيل أن بإمكانه توسيع المواجهة وجرّ دول الجوار، وفي مقدمتها مصر، إلى معارك مفتوحة، ليظل هو ممسكاً بخيوط الداخل الإسرائيلي الممزق. هذه أيضاً أوهام “خرفان”، لكنهم هذه المرة يرتدون ثياب التطرف والعنصرية، ويستغلون الدين والقومية لتحقيق مكاسب انتخابية.
الواقع مختلف تماماً: مصر لن تدخل حرباً بلا عقل، ولن تتحرك إلا وفق حسابات دقيقة لمصالحها الاستراتيجية. مصر تاريخياً تعرف معنى الحرب وتكلفتها، وتعرف أيضاً قيمة السلام وضرورته للأمن القومي. قوتها الحقيقية تكمن في قدرتها على الردع، وحماية حدودها، وإدارة ملفاتها الإقليمية بوعي سياسي بعيد عن الانفعال.
الحرب ليست لعبة في أيدي الغوغاء. ومن يظن أن مصر ستُستدرج إلى مواجهة لا تخدم إلا حسابات ضيقة، فهو يعيش في وهم. أما الحقيقة، فهي أن القاهرة ستظل ثابتة على موقفها: لا انجرار وراء “أحلام الخرفان”، لا هنا ولا هناك
