بنك الكويت يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد المصري إلى 4.7% | تفاصيل

تأتي التطورات الاقتصادية الأخيرة وتوقعات المؤسسات الدولية في سياق يعكس مسارًا متصاعدًا للنمو وتخفيف بعض الضغوط على المالية العامة، مع إشارات إلى استمرار إصلاحات هيكلية وتخفيف تكاليف الاقتراض. بنك الكويت الوطني رفع تقديراته لنمو الاقتصاد المصري في العام المالي 2026/2025 إلى نحو 4.7%، مع توقع وصول الناتج المحلي الإجمالي الاسمي إلى حوالي 408 مليارات دولار، مقارنة بنحو 359.9 مليار دولار في العام المالي السابق و392.3 مليار دولار في 2024/2023.

سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ارتفاعًا قويًا في السنة المالية 2024/2025، حيث بلغ نموها نحو 4.4% متجاوزًا المستوى المستهدف للحكومة البالغ 4.2%، وبفارق واضح عن 2.4% المسجلة في 2023/2024 وفق وزارة المالية. ويرى البنك الوطني أن المحرك الأساسي للنمو سيكون الاستهلاك مع دعم القوة الشرائية، إلى جانب ارتفاع الاستثمار الخاص للسنة الثانية على التوالي نتيجة انخفاض تكاليف الاقتراض واستمرار التيسير النقدي.

ومن المتوقع أن يبقى انخفاض تكاليف الاقتراض مع اتجاه انخفاض التضخم، إضافة إلى ارتفاع الإنفاق الاجتماعي وتسارع وتيرة نمو الأجور في القطاعين العام والخاص، عوامل محورية في دعم النمو متوسط المدى. كما يُتوقع أن تظل تحويلات المصريين العاملين في الخارج قوية، مما يدعم الطلب الاستهلاكي، وأن تتعزز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بعد الإجراءات المعالجة لاختلالات سوق صرف العملات الأجنبية.

تتجه سياسة الخصخصة في مصر إلى التركيز على حُصص الأقلية. من المتوقع أن تتضمن الخطة بيع حصة تتراوح بين 30-35% من بنك القاهرة، إضافة إلى إدراج جزئي لعدد من الشركات المملوكة للدولة وشركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، مثل شركات للصناعات والمياه والوقود والتكرير والطاقة والمواد الأولية. كما يتوقع أن تعمّم الحكومة طرح حصص أقلية في البورصة بشكل عام بنطاق 10-40% مع وجود مبيعات استراتيجية محدودة. وتستهدف الحكومة جمع نحو 3 مليارات دولار من عوائد برنامج الطروحات في السنة المالية 2026/2025، مقارنة بالهدف السابق البالغ 5-6 مليارات دولار، بما يعكس وتيرة أكثر تدريجية.

إلى جانب الإيرادات من الطروحات، يهدف البرنامج إلى تعميق سوق رأس المال وجذب تدفقات جديدة نحو الأسهم، مع تعزيز الالتزام بالإصلاحات الهيكلية في نظر الشركاء الدوليين. كما تحسن الحساب الخارجي من خلال تعافي الصادرات مع انخفاض تكلفة العملة وتراجع عجز الحساب الجاري، إذ تراجع العجز إلى نحو 2.3 مليار دولار في الربع الأول من عام 2025. وتوقعات العجز الكلي للسنة المالية 2025/2024 بلغت 15.7 مليار دولار (نسبة 4.3% من الناتج)، مع احتمال انخفاضه إلى 14 مليار دولار (3.3% من الناتج) في 2026/2025، مدعومًا بارتفاع الصادرات وإيرادات قناة السويس والتحويلات السياحة والسياحة التي قد تتجاوز 16 مليار دولار.

سيتم تغطية فجوة التمويل البالغة نحو 20 مليار دولار من خلال مزيج من الاستثمار الأجنبي المباشر وإصدارات أدوات الدين ومدفوعات صندوق النقد الدولي. كما يتوقع أن تتجاوز احتياطيات مصر 50 مليار دولار في 2026، مرتفعة عن المستوى الذي وضعه صندوق النقد الدولي بنحو 44 مليار دولار في الربع الثالث من 2025.

استقر سعر صرف الجنيه المصري حول نطاق متماسك خلال النصف الأخير من 2025 بمستوى 47-50 جنيهاً مقابل الدولار، لكن يبقى هناك مخاطر تحد من هذا الاستقرار. تشمل تلك المخاطر استمرار عجز الحساب الجاري وتفاوت التضخم مقارنة بالشركاء التجاريين، واحتمالية قوة الدولار في ظل ظروف نقدية عالمية أكثر تشددًا. كما أن تراجع أسعار الفائدة المحلية قد يحد من تدفقات المحافظ الأجنبية، ما يجعل الجنيه أكثر عرضة لمتغيرات معنويات المستثمرين.

في إطار المالية العامة، من المتوقع انخفاض عجز الميزانية إلى نحو 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي في 2026/2025 من 7.1% في 2025/2024، مع ارتفاع الإيرادات بنحو 23% نتيجة الإصلاحات الضريبية التي تتضمن تبسيط إجراءات الدفع وتقليل الإعفاءات والحد من التهرب الضريبي، مع الحفاظ على عدم فرض ضرائب جديدة. كما من المتوقع أن تساهم دورة التيسير النقدي المستمرة في خفض عوائد السندات إلى نحو 20% كمتوسط في 2026/2025 مقارنة بـ27% في 2025/2024، ما يخفف عبء خدمة الدين، وهو أحد أكبر بنود الإنفاق العام إلى جانب الرواتب.

بالتوازي، من المتوقع أن يواصل النمو القوي للناتج المحلي الاسمي وتوفير فائض أولي مستدام في خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من نحو 85.6% بنهاية يونيو 2025 إلى حوالي 82% بنهاية يونيو 2026. وتظل هناك تحديات ومخاطر تتعلق بإمكان استمرار ارتفاع عوائد أذونات الخزانة لفترة طويلة، أو ضعف أداء الإيرادات المالية، ما قد يؤدي إلى اتساع العجز وزيادة الضغوط على الدين. كما أن أي تأخير في برنامج الخصخصة قد يضعف ثقة المجتمع الدولي بمسار الإصلاحات، وتبقى حيازَات الأجانب من الدين الحكومي قصيرة الأجل عاملًا يجعل العملة عرضة لتقلبات المعنويات. وفي المقابل، قد يسهم تحسن الطلب العالمي وتدفقات المحافظ في دعم الجنيه واستمرار عودة النمو إلى مساره الصحيح.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى