بعد نصف قرن من الجدل.. تقرير عبري يكشف خداع أشرف مروان لـ«الموساد» ومساهمته في نصر أكتوبر

تتبدّى معطيات جديدة في ملف أشرف مروان تكشف عن عمق دوره في الحرب المستعرة بين مصر وإسرائيل، وتعيد تشكيل الصورة التي رُسمت عنه عبر عقود كجاسوس صهيوني. فبعد مرور نحو خمسين عاماً على حرب أكتوبر، خرجت تقارير صحافية إسرائيلية تؤكد أن مروان كان رأس حربة مخطط استخباراتي مصري متطور، ولعب دوراً حاسماً في إرباك جهاز الاستخبارات الإسرائيلي قبل اندلاع الحرب وأثناءها، حتى يُخدَع المجتمع الاستخباراتي الإسرائيلي في أعقابها.
ففي تقرير نشره ملحق صحفي يديعوت أحرونوت، أُشير إلى أن أشرف مروان، الذي كان يُعرف في إسرائيل بـ«الملاك»، ظل كياناً مخابراتياً مصرياً يقدّم معلومات كثيرة ومهمة عن عدوه الرئيسي حينها مصر، ويمتّع إسرائيل بنطاق واسع من الوثائق السرية. كما يورد التقرير أن مروان، وهو زوج ابنة الرئيس جمال عبد الناصر، هو من وجّه التحذير الشديد للرئيس الموساد في الليلة التي سبقت بداية الحرب، وهو ما أدى في لحظة إلى تجاهل تصديق عميلهم المميز كعميل مزدوج.
كيف أربك أشرف مروان الاستخبارات الإسرائيلية؟ حيث أشار التحقيق إلى أن الملاك شارك، ابتداء من أواخر آب 1973، في اجتماعات حدد فيها رئيسا سوريا ومصر كيفية إدارة الحرب، وأن الهجوم سيبدأ في 6 أكتوبر. غير أنه بدلاً من إخطار مشغّلين إسرائيليين، أرسل سلسلة تحذيرات كاذبة حول تواريخ محتملة أخرى وتقديرات بأن الحرب قد لا تندلع في النهاية، وكانت التحذيرات التي أُطلقت عشية الحرب غامضة أيضاً ووردت بعد فوات الأوان.
وتُبرز اتهامات التحقيق أن مروان كان جزءاً من اختراق عميق للموساد، وأنه أصبح جزءاً من بنية الجهاز وتسلل إلى مركزه الحساسين. وفي حديثٍ يبرز مدى قوة تموضعه في قلب منظومة الاستخبارات الإسرائيلية، قال أحد أبرز قادة الجهاز لاحقاً: «تم زرع مروان في مؤخرة وعمق جهاز المخابرات الإسرائيلية»، في وصف يوازي مدى تأثيره وأهمية دوره في خطط الخداع المصرية.
أما في إطار تفسير آليات الخداع، فذكر التقرير أن مروان لعب دوراً في تفعيل ما يُعرف بخطة الخداع المصرية، حيث قُدِّم رئيس الموساد تسفي زامير كأحمق، وتصرّف كأنه أداة في اللعبة الكبرى، بينما كان المستخدَم الحقيقي هو مروان نفسه كعقلٍ محوري في الخطة. ورغم ذلك، ردّ الموساد بأن هذه الادعاءات لا أساس لها وتعد تشوهاً للواقع التاريخي.
من جهة أخرى، أكد الدكتور محمد وازن، خبير الشأن الإسرائيلي، أن هذه النتائج تعزز براءة أشرف مروان من تهمة الخيانة التي لُقّبت بها سيرته. ونشر وازن عبر حسابه على وسائل التواصل صورة لغلاف إحدى طبعات الصحيفة، مؤكداً حصوله على نص التحقيق الموسع في ملحق الصحيفة الذي كشف أن مروان، أو «الملاك» كما يلقبه الإسرائيليون، لم يخدم إسرائيل وإنما كان طرفاً محورياً في خداعهم وتوجيههم إلى مسار ممهور بالوهم الذي أسفر عن انتصار أكتوبر.
وفي تعليقٍ لـ«رجل واحد غيّر ميزان التاريخ»، أكد خبير الشؤون الإسرائيلية أن مروان لم يكن «ملاك تل أبيب» وإنما عقلٌ مصري استثنائي حمل على كتفيه خطة خداع استراتيجي أذهلت العالم. وأضاف أن خمسين عاماً من الجدل انتهت اليوم باعتراف من قلب الصحافة الإسرائيلية بأن مروان لم يخدمهم يوماً، بل دفعهم إلى وهمٍ محكم فتح الطريق لنصر أكتوبر.
صفحة مُضيئة من تاريخ استخباراتي تُبرز كيف نجحت الدولة المصرية في تحويل معلومات خاطئة إلى سلاح استراتيجي، وكيف تمكن أشرف مروان من أن يكون عمقاً في جهاز استخباراتي معقّد، لا كإسناد إلى طرف آخر، بل كمخطط أذكى من أن يُستغَل. هذه المعطيات لا تقتصر على سرد سيرة فرد واحد، بل تفتح نافذة على كيفية إدارة الحرب ووعيها، وكيف يمكن للذاكرة أن تتبدل حين تُفكَّك الوقائع وتُعاد قراءتها من زوايا جديدة.
مصادر وتقارير متداخلة تشير إلى أن ما جرى كان أكثر من مجرد جواسيس متناقضين، بل صراع بين استراتيجيات وقراءات مختلفة للموقف والتوقيت والقدرات الاستخبارية. وفي ضوء ما كشفته تقارير إسرائيلية في الآونة الأخيرة، يتضح أن أشرف مروان لم يكن مجرد طرف خارج الصراع، بل كان عنصراً مركزياً في لعبة خادعة انتهت بنصرٍ تاريخي لمصر.
– بطل الظل: تحقيق استقصائي عبري يعيد قراءة دور «الملاك المصري» أشرف مروان في حرب أكتوبر 1973.
– صحيفة إسرائيلية تؤكد أن مروان ضلل إسرائيل وكان رأس الحربة لمصر.
– اللواء محمد الغباري يطالب الموساد بكشف معلومة واحدة سربها أشرف مروان.