السيسي وصناعة النجاح في صفقة غزة

في لحظة فارقة من تاريخ المنطقة، برز اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي كأحد أهم مهندسي الطريق نحو وقف الحرب وإعادة إعمار غزة، وذلك بعد الإعلان عن “مبادرة الـ21 نقطة” التي كشفت عنها الإدارة الأميركية في مؤتمر مشترك بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ورغم أن المبادرة وُقّعت برعاية أميركية، فإن الدور المصري كان محوريًا في صياغة ملامحها، وضمان قبول الأطراف المعنية بها. فقد تحركت القاهرة منذ اليوم الأول للأزمة على أكثر من خط: الوساطة السياسية، الضغط الإقليمي، والتحرك الدولي لتثبيت مكانتها كقلب الصراع والوسيط العادل الذي لا غنى عنه.

دور مصر في التوازن بين الأطراف

جاءت المبادرة لتؤكد ما نادت به القاهرة طوال الشهور الماضية: ضرورة وقف إطلاق النار الفوري، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية دون عراقيل، وإعادة إعمار غزة بعيدًا عن أي أجندات سياسية ضيقة. وقد أصرّ الرئيس السيسي على أن تكون مصر شريكًا رئيسيًا في إدارة معبر رفح، وبالتنسيق الكامل مع الأمم المتحدة والهلال الأحمر، ما ضمن استقلالية المساعدات وحياديتها.

كما استطاعت مصر أن تضع ثقلها السياسي خلف ملف الأسرى والرهائن، حيث لعبت الأجهزة الأمنية المصرية دورًا بارزًا في صياغة آليات التبادل، وهو ما عكسته بنود الاتفاق التي نصت على الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

مصر بين واشنطن وتل أبيب وغزة

اللافت أن القاهرة استطاعت أن تمسك العصا من المنتصف؛ فهي تحدثت بلغة المصالح مع واشنطن، وأكدت التزاماتها الأمنية مع تل أبيب، وفي الوقت نفسه بقيت وفية لقضية الشعب الفلسطيني، مطالبةً بحقه في إعادة الإعمار والعيش بكرامة. هذا التوازن هو ما منح مصر ثقة الأطراف كافة، ورسخ موقعها كوسيط لا يمكن تجاوزه.

رؤية السيسي لإعادة الإعمار

يرى الرئيس السيسي أن ملف غزة ليس مجرد مسألة مساعدات عاجلة، بل مشروع استراتيجي لإعادة بناء حياة كاملة. لذلك جاءت دعواته المتكررة إلى إنشاء إطار دولي لإعمار غزة، وهي الدعوات التي وجدت صداها في تشكيل “مجلس السلام” كهيئة انتقالية دولية للإشراف على إعادة الإعمار، إلى أن تتمكن السلطة الفلسطينية من استعادة سيطرتها الكاملة.

وبفضل هذا التصور، باتت غزة أمام فرصة تاريخية للتحول إلى منطقة اقتصادية خاصة، جاذبة للاستثمارات، وقادرة على توفير فرص عمل لشبابها، وهو ما ينسجم مع رؤية السيسي الداعية إلى التنمية باعتبارها الضمانة الحقيقية للاستقرار.

نجاح الدبلوماسية المصرية

لقد أثبتت التطورات الأخيرة أن مصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لم تكن مجرد وسيط عابر، بل صانع قرار ومهندس تسويات. فنجاح صفقة غزة يعكس ثبات الموقف المصري، وإصراره على أن الحلول لا يمكن أن تأتي إلا عبر الحوار والوساطات الحكيمة، بعيدًا عن لغة القوة التي لم تجلب سوى الدمار.

خلاصة

بفضل الجهد المصري المتواصل، وقيادة الرئيس السيسي الحاسمة، خرجت صفقة غزة إلى النور، لتفتح الباب أمام مستقبل جديد للقطاع، عنوانه: وقف الحرب، إطلاق الأسرى، إدخال المساعدات، وإعادة الإعمار. إنها لحظة تاريخية تكتب فيها القاهرة مجددًا دورها كحارس للاستقرار وصوت للعقلانية في منطقة لا تهدأ.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى