صموئيل العشاي يكتب أكاذيب الحكام .. التفاوض مع ابو مازن فقط

منذ سنتين ونحن نتابع سلسلة طويلة من “الخطط” التي تُعلن بين وقت وآخر تحت شعار “السلام”. وانهاء الحزب في غزة ، نهاية بخطة ترامب، وقبلها خطة نتنياهو، وغيرهما من الخطط التي تُسرب عبر الوسطاء وتُروج إعلاميًا وكأنها وصفة سحرية ستنهي الصراع الغزاوى الاسرائيلي في لحظة واحدة.
الحقيقة أن كل هذه الخطط ليست إلا محاولات للالتفاف على جوهر الحرب بين غزة واسرائيل، واستخدام الألم الشعب الفلسطيني كورقة سياسية لتلميع زعماء هنا أو هناك.
السيناريو واحد لا يتغير: يُقدَّم العرض إلى حركة حماس باعتبارها الطرف الفاعل في غزة، على أمل أن توافق فجأة وتنسحب من الساحة السياسية مجانًا. كأننا أمام جماعة لا تملك مصالح أو حسابات، ولا تعيش على دعم مالي هائل، ولا تحتفظ بمكانة سياسية تمنحها نفوذًا واسعًا.
فهل منطقياً يمكن أن تفرّط حركة حماس في كل مكاسب مالية ضخمه واقامه في أفخم الفنادق، وثروات عقاريه وسيارات فارهه، هذه المكاسب والمغانم والأموال ببساطة، وتسلّم أوراقها وترحل دون مقابل؟
الحقيقة أن حماس اعتادت على مليارات الدولارات التي تتدفق من أطراف متعددة، وعلى الإقامة في أفخم الفنادق، وعلى التعامل مع رؤساء دول يعاملون قادتها وكأنهم محرّرون عظام. فكيف لجماعة تمتلك هذه الامتيازات أن تتنازل عنها بلا ثمن؟ وكيف لها أن تترك المسرح السياسي بينما اسمها وحده أصبح ورقة ضغط دولية؟
الأدهى من ذلك أن الجماعة تطلق على قتلاها “شهداء”، بينما السبب الحقيقي لاستشهاد هؤلاء الأبرياء هو السياسات الخاطئة التي تتبناها والرهانات الخاسرة التي تدخل فيها. إن من يدفع الثمن دائمًا هو المواطن الفلسطيني العادي: الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى، الذين يتحملون ويلات الحصار والدمار.
لذلك أقولها بوضوح: رؤساء الحكومات يضحكون علينا. من يريد السلام العادل عليه أن يتوجه إلى الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، والسلطة الوطنية الفلسطينية. فهي المؤسسة المعترف بها دوليًا، وهي العنوان الشرعي لأي تفاوض جاد. أما محاولات القفز فوق الشرعية أو صناعة بدائل مصطنعة فلن تجلب إلا الفوضى والمزيد من الدماء.
إن استمرار هذه السياسات الكاذبة لم يعد مقبولًا. كفى عبثًا بمصير الفلسطينيين. كفى وعودًا جوفاء باسم “الصفقات الكبرى” و“خطط السلام”. اتقوا الله في دماء الأبرياء، وارحموا الأطفال والمرضى والعاجزين في غزة، فهؤلاء هم ضحايا المساومات السياسية.
يا ترامب، كفّ عن الكذب. لن تصنع سلامًا عبر بوابات الوهم، ولن تحقق أمنًا بفرض مخططات على الورق. إن كنت جادًا، فاذهب إلى أبو مازن. هناك وحده تكمن الشرعية، وهناك فقط يمكن أن يبدأ حديث حقيقي عن السلام.