«معلومات الوزراء» تبرز أبرز المؤشرات العالمية لسوق المعادن الحيوية

يبرز التقرير الجديد لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أهمية المعادن الحيوية في دعم التحولات الطاقية وتزايد الطلب العالمي عليها، مع رصد مسار الطلب والإنتاج والتجارة والتحديات المرتبطة بها في سياق التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون.
توضح الخلفية أن المعادن الحيوية تشكل مكوّنًا أساسيًا في تقنيات الطاقة الحديثة، من الطاقات المتجددة إلى مركبات النقل الكهربائية. تتطلب تقنيات مثل بطاريات الليثيوم والكوبالت والنيكل والمغناطيسات الدائمة ومكوّنات الشبكات الكهربائية كميات كبيرة من المعادن، فيما تلعب المعادن الأرضية النادرة دورًا مركزيًا في المغناطيسات وموائمات المحركات، وتعتبر الألومنيوم والنحاس حجر الزاوية في جميع تقنيات الكهرباء.
أشار التقرير إلى تعريف التعدين كعملية استخراج المواد المفيدة من الأرض، مع وجود نوعين رئيسيين: التعدين السطحي القريب من السطح، والتعدين تحت الأرض الذي يتيح الوصول إلى رواسب عميقة عبر أنفاق حفر وتفجير.
كما يؤكد أن مفهوم المعادن الحيوية قد حاز على اهتمام دولي متزايد بسبب الاعتماد الكبير على هذه المعادن في التقنيات الخضراء والرقمية، حيث تتطلب محطات الطاقة الشمسية ومزارع الرياح والمركبات الكهربائية كميات أعلى من المعادن مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية. فإنتاج مركبة كهربائية واحدة يحتاج نحو ستة أضعاف المدخلات المعدنية مقارنة بمركبة تقليدية، وتستهلك محطة رياح برية معادنًا أعلى بنحو تسعة أضعاف من محطة تعمل بالغاز.
وفيما يخص الصورة العالمية للسوق، بلغ حجم الطلب العالمي على المعادن الحيوية الأكثر استخدامًا (النحاس، الكوبالت، الليثيوم، النيكل، المعادن الأرضية النادرة المغناطيسية، والجرافيت) نحو 35.4 مليون طن في 2024، مع توقع وصوله إلى 44.8 مليون طن في 2030 و52.2 مليون طن بحلول 2040 وفق تقديرات الوكالة الدولية للطاقة. استُخدمت تقنيات الطاقة النظيفة 28.3% من إجمالي الطلب العالمي في 2024، مع توقع ارتفاع النسبة إلى 37.8% في 2030. كما بلغ حجم التعدين العالمي لهذه المعادن المستخدمّة في تقنيات الطاقة المتجددة 29.1 مليون طن في 2024، وتجاوزت الكميات المعالجة 32.9 مليون طن، مع توقع وصول العرض المعالج إلى نحو 41 مليون طن بحلول 2040.
أما خارج نطاق الطلب، فهناك تركيز ملحوظ للإنتاج والمعالجة في بضع دول؛ حيث تسيطر الصين على تعدين المعادن الأرضية النادرة بنسبة كبيرة، ويسيطر بلد الكونغو الديمقراطية على نحو كبير من تعدين الكوبالت (حوالي 67%). وفي مجال المعالجة، تهيمن الصين بشكل كامل على معالجة الجرافيت وبنسبة 91.3% من معالجة المعادن الأرضية النادرة، كما تبلغ سيطرة الصين على معالجة عدة معادن حيوية أخرى جزءًا من الصورة العالمية.
وفي نطاق التجارة الدولية للمعدن الحيوي، شكلت صادرات المعادن الحيوية والمواد ذات الصلة نحو 2.5 تريليون دولار في 2023، أي نحو 10% من الإجمالي العالمي للصادرات، في حين بلغت قيمة الواردات العالمية 2.6 تريليون دولار في 2023. آسيا جاءت في مقدمة الأسواق كمصدِّرات وكمستورد رئيسي، حيث استحوذت آسيا على 32.7% من الصادرات العالمية في 2023 وتبوأت أوروبا 28.5%. وعلى صعيد الواردات، استحوذت آسيا على 58.5% من الواردات العالمية في 2023، تلتها أوروبا بنحو 27.2%.
وتتضح أبرز ملامح التجارة الدولية أيضًا من بيانات 2022: بلغ إجمالي صادرات الدول الكبرى في هذا القطاع نحو 678 مليار دولار، ما يمثل نحو 30% من صادرات المعادن الحيوية العالمية البالغة 2.3 تريليون دولار في ذلك العام. وفي النصف الأول من 2023 بلغت صادرات الدول الكبرى نحو 319 مليار دولار تقريبًا، بنفس الحصة النسبية في 2022 (حوالي 30%). أما أكبر الدول المستوردة فكانت الصين والولايات المتحدة وألمانيا والهند والمملكة المتحدة، حيث بلغ إجمالي وارداتها في 2022 نحو 876 مليار دولار (حوالي 38% من واردات العالم)، واستمر هذا النمط في النصف الأول من 2023 بقيمة نحو 415 مليار دولار (حوالي 38%).
كما تبيّن أهمية الدول العربية والإفريقية إنتاجيًا واقتصاديًا للمعادن الحيوية، حيث يشير تقرير ESCWA إلى أن الدول العربية تنتج 27 معدنًا حيويًا من بينها 14 معدنًا مهمًا في التحول الطاقة، مقابل 13 معدنًا ذو أهمية اقتصادية عالميًا. وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن إفريقيا تضم نحو 48% من احتياطات الكوبالت، و48% من احتياطات المنجنيز، و22% من الجرافيت، إلى جانب معادن حيوية أخرى، لكنها لم تتمكن من استغلالها بالشكل الأمثل، حيث تقود عوامل مثل انخفاض القيمة المضافة وضعف البنية وتحديات الحوكمة إلى عائدات فعليّة أقل من إمكاناتها.
كما استعرض التقرير أبرز التحديات التي تواجه استخدام المعادن الحيوية في تقنيات الطاقة المتجددة، ومنها التركيز الجغرافي للمعادن، وصعوبة التنبؤ بحجم العرض العالمي، وقيود التصدير، إضافة إلى التأثيرات البيئية والاجتماعية.
وتمت الإشارة إلى تجارب دولية رائدة في تعزيز وتأمين سلاسل إمداد المعادن الحيوية من خلال نماذج نجحت في عدد من الدول، مثل كندا والصين وأستراليا والاتحاد الأوروبي. كما ناقش التقرير إطارًا استراتيجيًا للتعدين المستدام في الدول العربية، وفقًا لتقرير ESCWA 2023 بعنوان دور المعادن والمواد الخام في دعم التحول الطاقي في المنطقة العربية. وتتلخص المحاور الأساسية في التخطيط الاستراتيجي ووضع خرائط طريق واضحة، التنظيم البيئي المناسب، الضمانات الاجتماعية وتوزيع المنافع، الحوكمة الفاعلة، الاستثمارات في التعدين المستدام، إطار اقتصادي للكربون الدائري، التكنولوجيا والابتكار، الشراكات، وبناء القدرات والتدريب.
تُعد هذه التوصيات ركيزة لتوجيه مسار التعدين المستدام في المنطقة العربية، مع التأكيد على بناء منظومة متكاملة توازن بين استغلال الموارد وتحقيق التنمية المستدامة، وضرورة تبني نهج استراتيجي طويل الأجل يعتمد على حكومات رشيدة، وبناء بنى مؤسسية ومعرفية وشراكات فعالة، لتعزيز تنافسية القطاع وتقليل آثارها البيئية والاجتماعية. كما أن تفعيل هذه السياسات بشكل عملي يسهم في ضمان أمن إمدادات المعادن الحيوية، ويفتح أمام الدول العربية فرص الاستفادة من ثرواتها ضمن إطار اقتصادي أخضر وعادل.