عبد المحسن سلامة: خطة ترامب غامضة ومليئة بالألغام.. والموقف المصري كان صائبًا منذ البداية

في حوار خاص مع الكاتب الصحفي عبد المحسن سلامة، رئيس مجلس إدارة الأهرام ونقيب الصحفيين السابق، تحدث سلامة عن خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن القضية الفلسطينية، وهي الخطة التي أثارت الكثير من الجدل لما تحمله من تفاصيل معقدة وألغام سياسية، رغم ما تضمنته من بعض البنود الإيجابية. سلامة استعاد أيضًا الموقف المصري الواضح منذ أكتوبر 2023، مؤكدًا أن رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي والإمام الأكبر أحمد الطيب حالت دون تمرير أخطر مخطط كان يستهدف تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم.

س: بداية.. كيف تقرأ خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب؟
ج: على الطريقة الترامبية المعروفة، أطلق ترامب خطته المثيرة للجدل، والتي ضمّت عشرين بندًا نشرها البيت الأبيض. ما يلفت الانتباه أن ترامب استجاب في الخطة لعدد من مطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بل عدّل بعض البنود والألفاظ لتتوافق مع ما كان يطلبه الأخير، وفق ما نُشر في وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية.

س: ما الذي يثير الجدل في هذه الخطة؟
ج: لأنها تحمل خليطًا من الإيجابيات والسلبيات. الإيجابيات تتمثل في الدعوة إلى وقف القتال، ورفض التهجير، والسماح بدخول المساعدات، والشروع في إعادة الإعمار. لكن في المقابل، هناك تفاصيل معقدة: المدد الزمنية، آليات التنفيذ، بقاء قوات الاحتلال مسيطرة على بعض المناطق، طريقة حكم غزة، ومستقبل الدولة الفلسطينية. هذه كلها نقاط إشكالية.

س: كيف كان الموقف المصري إزاء ما يجري في غزة وقتها؟
ج: في العاشر من أكتوبر 2023، وأثناء حفل تخرج دفعة جديدة من أكاديمية الشرطة، تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل مباشر وصريح عن الحرب في غزة. بخبرته ورؤيته الثاقبة، شرح أبعاد الموقف وخطورته، خاصة ما يتعلق بالمخاطر على الشعب الفلسطيني، والضغوط التي كانت ستُمارَس على مصر لقبول تهجير الفلسطينيين إلى أراضيها، وهو ما كان سيشكل تمهيدًا لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل.

س: وماذا قال شيخ الأزهر في هذا اللقاء؟
ج: الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب أطلق كلمة بالغة الأهمية حينما قال: هناك ضرر أكبر وضرر أصغر، والضرر الأكبر هو تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم. كان موقفه واضحًا وحاسمًا برفض أي تهديد أو وعيد يتعلق بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.

س: هل أثبتت الأحداث صحة الرؤية المصرية؟
ج: بالتأكيد. فقد نجحت مصر حتى الآن في إفشال مخطط التهجير رغم الدمار الكبير الذي وقع في قطاع غزة. هذا يثبت أن الرؤية المصرية كانت صائبة وصادقة، وأنها انطلقت من مبدأ ثابت: حماية القضية الفلسطينية من أي محاولة لتصفيتها.

س: كيف ترى خطة ترامب اليوم بعد مرور الوقت؟
ج: الخطة مليئة بالألغام وتحتاج إلى تفكيك بهدوء وعقلانية بعيدًا عن الانفعالية. فالتعامل الانفعالي قد يقود إلى خسائر أكبر، بينما التعاطي الهادئ يمنح فرصة لكشف نقاط الضعف واستثمار ما يمكن استثماره.

س: هل ترى أن هناك عناصر إيجابية في الخطة يمكن البناء عليها؟
ج: نعم، رغم غموضها، هناك بعض البنود الإيجابية مثل وقف القتال ورفض التهجير وفتح المساعدات وإعادة الإعمار. هذه البنود لا ينبغي إهمالها، لكن يجب التعامل معها بذكاء بعيدًا عن العصبية والتشنج أو الاستسلام لليأس والإحباط.

س: ما أهمية التجمع العربي – الإسلامي الذي اجتمع مع ترامب قبيل إعلان الخطة؟
ج: هذا التجمع يمثل أداة مهمة للتعامل مع ألغام الخطة، سواء قبلتها حماس وفصائل المقاومة أو رفضتها. وجود موقف عربي وإسلامي موحد يضمن أن لا تكون القضية الفلسطينية رهينة ضغوط أمريكية أو إسرائيلية منفردة.

في ختام الحوار، شدد عبد المحسن سلامة على أن الخطة الترامبية، رغم ما فيها من غموض وألغام، لا يجب أن تُواجه بالانفعال أو العصبية، بل بالعقلانية والذكاء السياسي. وأكد أن صواب الموقف المصري منذ البداية حال دون تمرير أخطر المخططات التي كانت تستهدف تهجير الفلسطينيين. وأضاف: “القضية الفلسطينية ستبقى حية ما دام هناك تمسك بالثوابت، ومصر ستظل هي السند الأكبر والضمانة الحقيقية لعدم تصفيتها”

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى