عم محمد يقضي نصف قرنًا على الدولاب الخشبي في تشكيل الأواني الفخارية بقنا.. فيديو

في قرية الشيخ علي جنوب محافظة قنا، تستمر حرفة الفخار في أن تروي قصة الأرض عبر أيدٍ لا تزال تمسك الدولاب الخشبي وتدفعه بقدمها ليخرج من بين أصابعها طينٌ يتحول ببطء إلى أوانٍ لها نكهة المكان. العم محمد عبده يجلس فوق الدولاب كما جرت العادة منذ سنوات طويلة، وتخرج من بين يديه كتل من الطين ترتسم منها أشكال الطلبات التي يطلبها الزبائن، في مشهد يجسّد تمازج الإبداع بالصبر والصالحة مع الزمن.
قال العم محمد إنه تعلم الحرفة من والده، وإن الأسرة مارستها منذ عشرات السنين. قرية الشيخ علي، بجنوبها، تُعد أسطورة في صناعة الفخار وتُعدّ من أكبر تجمعات هذه الصنعة في قنا، حيث كان الجميع يعملون بها داخل البيوت وخارجها. منذ أكثر من خمسين عامًا بدأ هو بنفسه في المهنة، ونقلها إلى أبنائه ليواصلوا المسير اليوم.
تعتمد الصناعة على الطمي الذي يأتي من أسوان أو من مواقع داخل قنا، ثم يعجن ويُشكَّل على الدولاب اليدوي الذي يتحرك بالقدم، بينما تُمسك اليد العليا بالشكل المطلوب. يُترك الطمي عدة أيام قبل إضافة الماء ليصبح جاهزًا للتشكيل. تُستخدم الأواني الفخارية في طهي وتخزين الطعام، وتُترك لتجف تحت أشعة الشمس قبل أن تدخل إلى أفران مخصصة للخبز والفخّار.
الأدوات التي يستخدمها ما زالت تقليدية، رغم وجود أدوات حديثة مثل عجانات الطين وآلات كهربائية بدل الدولاب اليدوي. أما التسويق فمبني على شبكة من التجار الذين يشترونها ثم يوزعونها في الأسواق، فالحرفة مستمرة طوال العام، فليس لها فصل محدد. وتُعد الأواني الفخارية صحية مقارنة بأنواع أخرى من الأواني المستخدمة في المطابخ.
هكذا تظل صناعة الفخار في الشيخ علي حاضرة، شاهدة على الإبداع والصبر، وجسرًا يربط الماضي بالحاضر، يحفظ تاريخ الأرض في صوت الدولاب وملمس الطين الذي يخرج من تراب بلدنا ليؤكد أن التراث حيٌّ يواصل طريقه بين أيدي الحاضر.