«معلومات الوزراء»: مسار عالمي متنامٍ نحو الاعتماد على الطاقة الشمسية

يقدّم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار تقارير تُعنى برصد وتحليل التطورات الدولية في شؤون الطاقة، مع التركيز على ما يرتبط بالشأن المصري. وتُسلّط أحدث تقارير Ember لأبحاث الطاقة النظيفة الضوء على تطورات قطاع الطاقة الشمسية عالميًا، ورصد التحولات الكبرى في الدول النامية والمتقدمة وتأثيرها المحتمل على مسار الطاقة في المنطقة.
أظهرت تقارير Ember أن دول البريكس حققت تقدمًا مذهلاً في مجال الطاقة الشمسية، حيث أصبحت مسؤولة في عام 2024 عن نحو 51% من الكهرباء المولّدة من الطاقة الشمسية عالميًا، بعدما كانت النسبة نحو 15% قبل عشر سنوات. قادت الصين هذا التحول بارتفاع حصتها إلى 39% من الإنتاج العالمي، وتلتها الهند بـ6.3% والبرازيل بـ3.5%. كما سجلت الصين والهند والبرازيل نموًا قويًا في الإنتاج، حيث بلغت الصين 834 تيراواط/ساعة من الإنتاج الشمسي، متقدمة على الولايات المتحدة التي سجلت 303 تيراواط/ساعة، وتلتها الهند (133 تيراواط/ساعة) والبرازيل (75 تيراواط/ساعة)، مع تقدم ملحوظ لكل من جنوب إفريقيا والإمارات في الأشهر الأربعة الأولى من 2025 بنسبة نمو بلغت 39% لكل منهما، وهو ما وضعهما في المركزين 16 و18 عالميًا.
أكد التقرير أن الصين واصلت ريادتها في 2025 بإضافة 98 تيراواط/ساعة من الكهرباء الشمسية خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام، بزيادة قدرها 42% مقارنةً بالعام السابق، وهو ما يعادل إجمالي الطلب على الكهرباء في إيطاليا خلال هذه الفترة. كما تجاوزت الطاقة الشمسية والرياح معًا 25% من إجمالي الكهرباء في الصين لأول مرة خلال أبريل 2025. وفي المقابل حققت البرازيل والهند نموًا قدره 35% و32% على التوالي، في حين تراجع النمو في جنوب إفريقيا إلى 3%. كما ساهمت الطاقة الشمسية بنسبة 37% من الزيادة في إنتاج الكهرباء في دول البريكس خلال 2024، في حين شكلت بقية الزيادة من مصادر نظيفة أخرى 33%، لتبلُغ الحصة الإجمالية للمصادر النظيفة 70% من إنتاج الكهرباء، وهو تحوّل واضح مقارنة بنطاق 2014-2023 الذي بلغت فيه الحصة نحو 50%. ويعزى هذا الإنجاز إلى الاستثمارات الكبيرة في الطاقة الشمسية والرياح، مع توسعات معتدلة في الكهرومائية والنووية، ولا سيما في الصين.
وأشار التقرير إلى أن الصين وحدها ساهَمت بنسبة 41% من النمو العالمي في الكهرباء الشمسية خلال 2024، وأن المصادر النظيفة شكّلت 82% من إجمالي الزيادة. وباقي دول البريكس رفعت من مساهمة الطاقة الشمسية إلى 25% من الإنتاج مقارنةً بـ14% في العقد السابق. وفي عام 2025، لبّت الصين 86% من الزيادة في الطلب على الكهرباء من مصادر نظيفة، مما أدى إلى تراجع استخدام الوقود الأحفوري بنسبة 2.6%. ورغم التقدم، لا تزال بعض دول البريكس تعتمد على الفحم والغاز، وتشير التوقعات إلى أن انخفاض تكاليف الألواح الشمسية والبطاريات سيجعل الطاقة الشمسية خيارًا اقتصاديًا أكثر تنافسية في المستقبل لهذه الدول.
وفي سياق التحولات التجارية، أشار التقرير إلى تحول كبير في صادرات الصين من منتجات الطاقة الشمسية في النصف الأول من 2025، حيث ارتفعت صادرات الخلايا والرقائق بنسبة 76% و26% على الترتيب مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، فيما تراجعت صادرات الألواح بنسبة 5.2%. وقد شكّلت معًا خلايا ورقائق أكثر من 40% من إجمالي صادرات الصين من منتجات الطاقة الشمسية، وبلغت القدرة الإجمالية لصادرات الصين من هذه المنتجات 208 جيجاوات، وهو ما يفوق قدرة ألمانيا المركبة بنهاية 2024. وأكد المركز أن الصين تظل هيمنة سلسلة الإمداد العالمية، حيث أنتجت في 2023 نحو 98% من الرقائق، و92% من الخلايا، و85% من الألواح الشمسية عالميًا. كما ارتفع متوسط الصادرات الشهرية في 2025 إلى نحو 7.5 جيجاوات للخلايا و7 جيجاوات للرقائق، مع انخفاض الأسعار بشكل ملحوظ نتيجة الابتكار وزيادة الإنتاج.
ويتوقع التقرير تراجع صادرات الصين من الألواح إلى أوروبا وأمريكا اللاتينية نتيجة تباطؤ التركيب وسحب المخزونات، مع انخفاض إضافات الطاقة الشمسية في الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى منذ 2016. وفي المقابل برزت آسيا كأكبر مستورد لمنتجات الصين الشمسية، حيث بلغت وارداتها 114 تيراواط/ساعة في النصف الأول من 2025، مقابل 54 تيراواط/ساعة لأوروبا، وذلك بفضل الطلب القوي من الهند وإندونيسيا وتركيا التي شكّلت 75% من الطلب العالمي على الخلايا الشمسية الصينية.
وتُبرز التقارير التوسع السريع للهند في صناعة الألواح والخلايا محليًا، حيث بلغ الإجمالي في مارس 2025 نحو 68 جيجاوات من الألواح و25 جيجاوات من الخلايا. ورغم ذلك، لا تزال الهند تعتمد بشكل رئيس على واردات الخلايا لتغذية مصانعها، إذ ارتفعت وارداتها من 11 إلى 21 جيجاوات، أي نحو 52% من نمو صادرات الصين من الخلايا في الفترة نفسها. وتستهدف الهند رفع قدرتها التصنيعية إلى 65 جيجاوات بحلول 2030. كما تجاوزت حصة الطاقة النظيفة في إجمالي القدرة الهندية 50% لأول مرة في يونيو 2025، وتشكّل الطاقة الشمسية نحو 24% من هذه الحصة، مع وجود خطط لمضاعفة الإنتاج في عدة ولايات خلال 2030-2035.
أبرزت تقارير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار فكرة أن الطاقة الشمسية أصبحت في الاتحاد الأوروبي المصدر الأكبر لتوليد الكهرباء للمرة الأولى في يونيو 2025، حيث ساهمت بنحو 22.1% من الإجمالي (45.4 تيراواط/ساعة)، متقدمة على الطاقة النووية التي بلغت 21.8%، ثم طاقة الرياح بنسبة 15.8%. كما سجلت طاقة الرياح أرقامًا قياسية في مايو ويونيو 2025، ما يعكس زيادة كبيرة في الإنتاج من المصادر المتجددة وتراجعًا في الاعتماد على الفحم، الذي بلغ 6.1% من الكهرباء في يونيو 2025 (12.6 تيراواط/ساعة)، مقارنة بـ8.8% في يونيو 2024. وتظهر ألمانيا وبولندا، اللتان تشكلان نحو 79% من إنتاج الفحم في الاتحاد الأوروبي، انخفاضًا في حصتهما من الفحم، بينما تسجل دول أخرى كالتشيك وبولندا وبلغاريا والدنمارك وإسبانيا انخفاضات تاريخية في الاعتماد على الفحم، وصولاً إلى مستوى أقرب إلى إنهائه في إسبانيا التي اقتربت من التخلص التام من الفحم. كما بلغ مجموع حصة الوقود الأحفوري في يونيو 2025 نحو 23.6% من إنتاج الكهرباء، أي 48.5 تيراواط/ساعة، وهو مستوى قريب من أدنى مستوياته المسجلة في مايو 2024.
وعلى الرغم من انخفاض الاعتماد على الوقود الأحفوري في يونيو 2025، أظهرت البيانات أن توليد الكهرباء من هذه المصادر ارتفع خلال النصف الأول من 2025 بنسبة 13% مقارنةً بالفترة نفسها من 2024، بزيادة قدرها 45.7 تيراواط/ساعة، ويرجع ذلك أساسًا إلى ارتفاع توليد الكهرباء من الغاز بنحو 19% بسبب انخفاض إنتاج الكهرباء من المياه والرياح في النصف الأول من العام. كما تراجع حصة الطاقة الكهرومائية إلى 12.5%، ما يعادل 164 تيراواط/ساعة خلال الفترة من يناير إلى يونيو 2025، بسبب الجفاف المستمر. وبالمحصلة ارتفع طلب الكهرباء في الاتحاد الأوروبي؛ إذ استهلك 1.313 تيراواط/ساعة في النصف الأول من 2025، بارتفاع 2.2% عن العام السابق، مع تسجيل Five من الأشهر الستة الأولى ارتفاعًا في الاستهلاك مقارنةً بنفس الأشهر من 2024.
وفي إطار متابعة القارة الأفريقية، أشار مركز Ember إلى أن أفريقيا تشهد تحولًا متسارعًا في استيراد الألواح الشمسية من الصين، بارتفاع قدره 60% في الاثني عشر شهرًا المنتهية في يونيو 2025، حيث استوردت القارة 15.032 جيجاوات من الألواح مقارنة بـ 9.379 جيجاوات في الفترة نفسها من العام السابق. وسجلت 20 دولة أرقامًا قياسية، واستوردت 25 دولة ما لا يقل عن 100 ميجاوات، مقارنة بخمس عشرة دولة في السنة السابقة. وتكمن قوة الاعتماد على الواردات الصينية، حيث تولت الصين نحو 80% من إنتاج الألواح الشمسية عالميًا. وبإمكان الألواح المستوردة تمكين الدول النامية من تعزيز الكهرباء وتوفير فرص لتحسين الخدمات الأساسية وتطوير الاستثمار وتنويع مصادر الطاقة. وتشير التقديرات إلى أن ست عشرة دولة قد تشهد زيادة إنتاج الكهرباء بنحو 5% على الأقل بفضل هذه الواردات، وهو ما يمثل إضافة مهمة إلى مزيج الطاقة في القارة، مع وجود توقعات بأن يساعد ذلك في تعزيز الوصول إلى كهرباء موثوقة ونظيفة.
كما يشير التطور إلى تحديثات مهمة حول مشروعات محلية عملاقة في مصر لتعزيز إنتاج الألواح الشمسية، بما في ذلك مشروع إيليت سولار بطاقة 3 جيجاوات، ومشروع صن ريف سولار بطاقة 2 جيجاوات، ومشروع مصدر بطاقة 4 جيجاوات، والتي من المتوقع أن تدخل الخدمة قريبًا، لتخفف تدريجيًا الاعتماد على الواردات وتكوين مكوّنات محلية لصناعة الطاقة الشمسية.
وتؤكد التوجهات حاليًا أن التوسع في استيراد الألواح الشمسية يسهم في تقليل واردات الوقود الأحفوري. فمثلاً في نيجيريا، يمكن للوح شمسي بقدرة 420 وات أن يسهم في تسديد تكلفته خلال ستة أشهر فقط من خلال التوفير في استهلاك الديزل، ويقلل ذلك من الاعتماد على الوقود المستورد في الدول التي ترتفع فيها أسعار الديزل. وتبرز هذه النتائج أن الطاقة الشمسية أصبحت عاملًا رئيسيًا في دفع النمو الاقتصادي في أفريقيا من خلال توفير كهرباء أكثر وفرة وأقل تكلفة وأكثر صداقة للبيئة، ما يمكّن المدارس والمستشفيات والمجتمعات الريفية من تحسين خدماتها وتوسيع أنشطتها الاقتصادية، فضلاً عن تعزيز فرص الاستثمار وتنويع مصادر الطاقة. وتُعد هذه المؤشرات بداية لمسار استراتيجي يعزز مكانة أفريقيا في خريطة الطاقة العالمية ويتيح لها الاستفادة المستدامة من مواردها الطبيعية.