قلعة عسكرية من عصر الدولة الحديثة تُكتشف على طريق حورس الحربي في سيناء

أعلنت بعثة أثرية مصرية تعمل في موقع تل الخروبة شمال سيناء عن اكتشاف قلعة عسكرية تعود إلى عصر الدولة الحديثة، وتقع قرب ساحل البحر الأبيض المتوسط على طريق حورس الحربي. يمثل هذا الكشف إضافة مهمة إلى فهم التخطيط العسكري لملوك تلك الحقبة، حيث بنوا سلسلة قلاع وتحصينات لحماية الحدود الشرقية وربط مصر القديمة بفلسطين.
وُصف الكشف بأنه تجسيد ملموس لعبقرية المصري القديم في تصميم منظومة دفاعية متكاملة، تروي فصولًا جديدة من تاريخنا العسكري وتؤكد مكانة سيناء كمنطقة تحمل شواهد حضارية حافلة عبر العصور.
كما أشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار إلى أن العثور على هذه القلعة الضخمة خطوة مهمة في بناء صورة شاملة لشبكة التحصينات المصرية على الحدود الشرقية خلال الدولة الحديثة. فكل قلعة نكتشفها تضيف لبنة جديدة لفهم التنظيم العسكري والدفاعي لمصر الفرعونية، وتؤكد أن الحضارة المصرية كانت دولة مؤسسات قوية تحمي أرضها وحدودها.
وقد كشفت الحفريات جزءاً من السور الجنوبي للقلعة بطول نحو 105 أمتار وبعرض 2.5 متر، ويتوسطه مدخل فرعي بعرض 2.20 متر. كما عُثر على أحد عشر برجاً دفاعياً حتى الآن، مع الكشف عن البرج الشمالي الغربي وأجزاء من السورين الشمالي والغربي، وواجهت البعثة صعوبات جمة بسبب الكثبان الرملية المتحركة التي غطّت أجزاء واسعة من الموقع.
كما أشار رئيس قطاع الآثار المصرية إلى وجود سور زجزاجي بطول 75 مترًا في الجانب الغربي من القلعة، يقسمها من الشمال إلى الجنوب ويحيط بمنطقة سكنية خصصت للجنود، وهو تصميم معماري مميز في عصر الدولة الحديثة يعكس قدرة المعماري المصري القديم على التكيف مع البيئة القاسية.
عُثر أيضًا على كسرات وأوانٍ فخارية متنوعة، ومنها ودائع أساس أسفل أحد الأبراج ترجع إلى النصف الأول من عصر الأسرة الثامنة عشرة، إضافة إلى يد إناء مختومة باسم الملك تحتمس الأول. كما وُجدت كميات من أحجار بركانية يُرجّح أنها نُقلت عبر البحر من براكين جزر اليونان، بجوار فرن كبير لإعداد الخبز وبجواره العجين المتحجر، ما يؤكد أن القلعة كانت مركزًا متكاملاً للحياة اليومية للجنود.
أكد مدير عام الإدارة العامة لآثار سيناء أن الدراسات الأولية تدل على أن القلعة شهدت عدة مراحل من الترميم والتعديل عبر العصور، بما في ذلك تعديل في تصميم المدخل الجنوبي أكثر من مرة. كما تأمل البعثة استكمال أعمال الحفر للكشف عن بقية الأسوار والمنشآت المرتبطة بها، ومن المتوقع العثور على ميناء عسكري يخدم القلعة في المنطقة القريبة من الساحل.
وحسب التقدير، تبلغ مساحة القلعة الجديدة نحو 8000 متر مربع، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف مساحة القلعة المكتشفة في الثمانينيات بالموقع نفسه، الواقعة على بعد نحو 700 متر جنوب غرب القلعة الحالية. وتُعد هذه القلعة إضافة جديدة لسلسلة القلاع العسكرية المكتشفة على طريق حورس الحربي، وتندرج ضمن أبرزها تل حبوة وتل البرج والتل الأبيض، التي تعود جميعها إلى عصر الدولة الحديثة.