مصر تجني ثمار تطوير البنية التحتية.. قفزات نوعية في التصنيفات العالمية للطرق والموانئ البحرية

تُعد البنية التحتية ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، حيث تدعم وتُحفز مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والصناعية والسياحية، وتوفر بيئة جاذبة للاستثمار وفرص العمل، وتُسهم في رفع كفاءة الإنتاج وتحقيق الأمن الغذائي والمائي. وتأتي هذه الجهود في إطار رؤية مصر 2030 واستراتيجية الدولة لتحقيق التنمية المستدامة، مع رصد استثمارات ضخمة تخطَّت تريليوني جنيه خلال الفترة من 2014 حتى 2024.

من أهم النتائج الإيجابية لجهود التطوير في قطاع النقل أن مستوى جودة الطرق وكفاءة الموانئ البحرية قد شهد تحسنًا ملموسًا، ما يعزز مكانة مصر على خريطة الاقتصاد العالمي ويجعلها وجهة جاذبة للاستثمارات الدولية. وقد أدى المشروع القومي للطرق إلى بناء شبكة طرق قومية مترابطة في محافظات الجمهورية، ما أسهم في تسهيل الحركة الاقتصادية وتحسين حياة المواطنين وتوفير فرص العمل. وقد قفزت مصر بنحو 100 مركز في الترتيب العالمي لمؤشر جودة الطرق لتصل إلى المركز 18 عالميًا.

كما أسهم هذا التطوير في تحقيق انسياب مروري وتخفيض زمن الرحلات، مع زيادة السلامة على المحاور المختلفة. وتُشير دراسات سابقة للبنك الدولي إلى أن التكاليف الاقتصادية للازدحام المروري في القاهرة الكبرى بلغت نحو 8 مليارات دولار سنويًا في 2010، وهو ما كان يعادل نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي حينها، ولولا التطوير لظلت السرعات منخفضة وتزايدت التكاليف على اقتصاد البلاد.

ومن جانب الشفافية والانبعاثات، أظهر تقرير الشفافية الأول لمصر انخفاضًا كبيرًا في الانبعاثات الناتجة عن أنشطة النقل بنحو 13.2 مليون طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون في 2022، بما يعادل 16% مقارنة بما كان متوقعًا لولا السياسات والمشروعات المنفذة منذ 2014، نتيجة خفض المسافات، وتقليل الازدحامات، وتخفيف أزمنة الرحلات، وبالتالي تقليل استهلاك الوقود.

في مجال الموانئ، قامت الدولة بتنفيذ خطة شاملة لتطوير الموانئ المصرية بهدف جعل مصر مركزًا إقليميًا للنقل واللوجستيات وتجارة الترانزيت. وقد أضيفت ثلاثة موانئ جديدة ليصل الإجمالي إلى 18 ميناء، مع إنشاء أرصفة ومرافق جديدة يصل إجمالي طولها إلى 100 كيلومتر وبعمق يتراوح بين 18 و25 مترًا، إضافة إلى حواجز أمواج بطول 35 كيلومتر وتعميق الممرات الملاحية وجذب خطوط شحن عالمية رئيسية. كما غدت هناك استراتيجية لاستعادة قوة الأسطول التجاري المصري، مما شكل قفزة كبيرة في التصنيفات الدولية للموانئ المصرية.

ميناء شرق بورسعيد حاز على المركز الثالث عالميًا والأول إقليميًا في مؤشر أداء موانئ الحاويات CPPI لعام 2024 الصادر عن البنك الدولي، ما يعكس مكانته كأحد أسرع الموانئ نموًا وأكثرها كفاءة عالميًا. وفي الإسكندرية، تصدرت المكانة العالمية بتقدم ملحوظ، حيث احتل المركز 90 ضمن قائمة One Hundred Container Ports لعام 2025 الصادرة عن Lloyd’s List، ما يعكس نجاح خطط التطوير والتحديث التي رفعت قدرات الميناء لاستيعاب حركة الحاويات والبضائع وتلبية متطلبات التجارة العالمية.

شهد ميناء الإسكندرية خلال السنوات الأخيرة طفرة في حركة السفن وتداول البضائع، مع إدخال تقنيات حديثة لإدارة الأرصفة وساحات الحاويات، وتعاون مثمر مع شركاء ومستثمرين عالميين، خاصة مشغلي المحطات العالمية. وتواصل الدولة استكمال مشروعات استراتيجية كبرى، أبرزها محطة تحيا مصر 2 متعددة الأغراض على رصيف 100 بميناء الدخيلة، إضافة إلى مشروع ميناء المكس، ما يعزز القدرة التنافسية للميناء كمرتكز رئيسي للتجارة واللوجستيات الإقليمية.

سبق لمحطة حاويات دمياط دخول قائمة أفضل 100 محطة حاويات في العالم لعام 2023، كما احتلت المركز الأول عالميًا من حيث نسبة التغيير في الإنتاجية بنسبة 60.2% وفق تقرير أغسطس 2024 من Lloyd’s List. كما أدرجت محطة دمياط لتداول الحاويات والبضائع ضمن قائمة أفضل 20 محطة حاويات عالميًا وفق مؤشر CPPI 2024 الصادر عن البنك الدولي في سبتمبر 2024، محققة تقدمًا جديدًا بلغ 86.7 نقطة في تقييم 2024 مقارنة 2023، ما يعكس تحسن الأداء والقدرات التنافسية للميناء.

وفي مجال الموانئ الجافة وخدمات النقل البري والسكك الحديدية والمترو، فاز الميناء الجاف بالسادس من أكتوبر بجائزة IJ Global كأفضل مشروع نقل بالشراكة بين القطاعين العام والخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو الأول ضمن إطار برنامج المدن الخضراء الخاص بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في مصر. كما حصدت محطة عدلي منصور المركزية التبادلية جائزة أفضل مشروع نقل في العالم لعام 2022 وفق ENR، وهو تقدير يعكس مدى تأثيرها على المجتمع والبيئة عبر تكامل الخدمات ونقل الركاب بين ست وسائل نقل مختلفة.

بالإضافة إلى ذلك، شهد قطاع النقل إقرار جائزة أفضل مشروع حكومي عربي للبنية التحتية للخط الثالث لمترو الأنفاق في القاهرة خلال عام 2023، وهو تأكيد على استمرار التوجه نحو منظومة نقل متقدمة وأكثر استدامة في العاصمة وخارجها، وتدعيم شبكة النقل الحضري كعامل رئيسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

هذه الإنجازات تعكس جهود مصر في بناء بنية تحتية حديثة وفعالة تقود النمو الاقتصادي وتدعم الأمن والاستدامة، وتضع البلاد في موقع تنافسي على الخارطة العالمية للنقل واللوجستيات.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى