ابتكارات في التكيف مع تغير المناخ وتحقيق استدامة المياه

انطلقت صباح اليوم الأحد فعاليات الدورة الثامنة من مؤتمر القاهرة الدولي للمياه، المنعقد تحت عنوان “حلول مبتكرة للتكيف مع تغير المناخ واستدامة المياه”، وذلك برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الفترة 12-16 أكتوبر 2025.

وقد تخلّل حفل الافتتاح كلمة للرئيس عبد الفتاح السيسي، وكلمة الدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري، إضافة إلى كلمات لوزراء ومسؤولين كبار في قطاع المياه من دول ومنظمات إقليمية ودولية، وذلك بحضور وفود رسمية وكبار مسؤولي قطاع المياه والعلماء والمنظمات المدنية والسيدات والمزارعين والقانونيين من مختلف الدول.

ألقى الدكتور هاني سويلم كلمة ترحيب بالحضور، مؤكدًا أن مصر تستضيف هذا الحدث للمرة الثامنة في خدمة قضايا المياه، وتعبيرًا عن عزمها على تحويل قضايا المياه من نقاشات إلى قرارات وإلى مراحل تنفيذ قائمة على سياسات واضحة وشراكات عابرة للحدود. كما استعرض تراث الري المصري العريق وكيف تحولت إدارة المياه عبر العصور من منظومات تقليدية إلى منظومة حديثة تعتمد على التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي والاستشعار عن بُعد، بهدف رفع كفاءة الموارد المائية لخدمة مختلف القطاعات وتحقيق الريادة في الإدارة الذكية.

تتركّز رؤية الجيل الثاني من منظومة المياه في عشرة محاور رئيسية، منها: المعالجة والتحلية لخدمة الزراعة وإنتاج الغذاء، مع تركيز على زيادة الإتاحة المائية للأمن الغذائي من خلال جمع مwater المصارف الزراعية في دلتا النيل ومعالجتها وإعادة استخدامها عبر محطات بحر البقر، المحسمة، والدلتا الجديدة، لتلبية احتياجات الاستصلاح والإنتاج في سيناء والدلتا الجديدة. كما تسعى مصر إلى التحلية كخيار استراتيجي لدعم الإنتاج الزراعي بالاعتماد على الطاقة المتجددة لتخفيض التكلفة وتحقيق الاستدامة، مع دعم التقنيات المحلية والبحث العلمي، والتركيز على المحاصيل المقاومة للملوحة وتطبيق نظم الزراعة التكاملية مثل الهيدروبونيك والأكوابونيك لرفع إنتاجية وحدة المياه.

في مجال الإدارة الذكية والتحول الرقمي، تعتمد المنظومة الحديثة على نماذج تنبؤية للمطر وكميات المياه الواردة للإمساك بالتخطيط المسبق والتعامل المرن مع مواسم الفيضان والجفاف، مع استخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد وصور الأقمار الصناعية لتحديد الاحتياجات الفعلية لكل منطقة وتوزيع المياه بدقة وفقًا للتركيب المحصولي. كما بدأ الاعتماد على الدرون لرصد حالة الترع وشبكات الري وتقييم سلامة المنشآت المائية والتصدي السريع لأي طارئ، إضافة إلى رصد المخالفات وإعادة نمذجة شبكات الترع لتحديث أساليب الإدارة.

ت sweating الاستفادة من منصة Digital Earth Africa لمتابعة حماية الشواطئ وتحليل التغيرات الساحلية باستخدام الصور الجغرافية والبيانات الفضائية، إلى جانب اعتماد منصة Google Earth Engine لرصد انتشار ورد النيل وإزالته من مواقع التجميع على مجرى النهر، بالتعاون مع وزارات الاتصالات والتخطيط وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. كما تم رقمنة بيانات الترع والمصارف والمنشآت المائية والمساقي وبناء قواعد بيانات موحدة وتطوير تطبيقات للمزارعين تتيح مواعيد المناوبات وخدمات التراخيص والمتابعة، مع تطوير تطبيقات للإدارة مثل تنظيف الترع وتوثيق الخرائط وخطوط البيانات الخاصة بمنشآت الري، حيث بلغ عدد التطبيقات المطورة 27 تطبيقًا حتى الآن، وهو ما يعزز الرقابة ويقلل الفساد ويرفع كفاءة التنسيق بين الجهات المعنية.

في مجال التكيف مع التغيرات المناخية، جرى تحديث البنية الهيدروليكية لتحسين توزيع المياه وتعزيز عناصر الأمان، بما في ذلك تأهيل الترع مع دراسة استخدام مواد صديقة للبيئة وتطوير منظومات المراقبة والتشغيل في السد العالي لضمان كفاءة التشغيل كمكوّن استراتيجي للأمن المائي، إضافة إلى تنفيذ مشاريع إحلال وتأهيل منشآت مثل قناطر ديروط الجديدة وإنشاء مصبات لنهايات الترع لتمديد عمر الأصول وتحسين القدرة على المناورة في حالات الطوارئ. كما تم تنفيذ حزمة من الحلول التقليدية والطبيعية لحماية السواحل، مع مشاريع في المحافظات الساحلية الإسكندرية ودمياط ومطروح، إضافة إلى حائط رشيد وتعزيز التكيف بالساحل الشمالي ودلتا النيل بمواد صديقة للبيئة. داخليًا، تم إنشاء منشآت للحماية من السيول وتخزين مياه الأمطار لاستخدامها في تغذية الخزان الجوفي والمجتمعات المحلية، فضلًا عن تأهيل وصيانة محطات رفع للحفاظ على المناسيب الآمنة خلال فترات الذروة.

كما ركّزت الجهود على ضبط وحماية مجرى النيل كشرط لاستدامة المنظومة من خلال إزالة التعديات في المهد، وتوسيع استخدام أساليب حديثة مثل الاستشعار عن بُعد والدرون لرفع دقة المساحة لجسور النهر ووضع ضوابط لاستخدامات أراضي طرح النهر، مع إشراك المحافظات النيلية في تطوير الواجهات المطلة على النهر.

على صعيد الموارد البشرية والحوكمة، تم وضع برنامج “قيادات الجيل الثاني” لتطوير كفاءات الشباب في إدارة منظومة الري الحديثة، مع خطط لزيادة العائد الاقتصادي من خلال جذب استثمارات جديدة بالشراكة مع القطاع الخاص، بهدف رفع دخل العاملين بنحو 200% حتى الآن، مع هدف إضافي بزيادة قدرها 100% بحلول عام 2026. وبناءً على ذلك، تستهدف الوزارة حتى عام 2030 مستوى دخل تنافسي يسمح بالاحتفاظ بأفضل الكوادر ومواصلة التطوير.

وفي سياق الإقليم، تعلن الوزارة عن تهنئتها للشعب الفلسطيني على التوصل إلى اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة برعاية مصرية، وتؤكد التزامها بمواصلة دعم جهود إعادة الإعمار مع الإسهام الفني والمشروعات المرتبطة بالمياه والخدمات الأساسية.

ختامًا، تتقدم الوزارة بالشكر لكل من ساهم في تنظيم هذه التظاهرة وشركائها من الدول والمؤسسات العلمية والقطاع الخاص، مؤكدةً العمل معًا من القاهرة إلى عواصم العالم لتكون هذه الدورة علامة فارقة ذات أثرٍ ملموس على الأرض.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى