الأزهر الشريف في احتفالية نصر أكتوبر: الإيمان والعمل طريق النصر والبناء

في أجواء وطنية غامرة بالفخر والعزة، شارك الأزهر الشريف في احتفالية ذكرى انتصارات السادس من أكتوبر المجيدة، التي أقامها الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بمقره العام، بحضور عدد من القيادات النقابية وممثلي نقابات من الدول الشقيقة والصديقة، من بينها الكويت والسودان والهند، وبمشاركة واسعة من رموز الفكر والدين والعمل الوطني.

وألقى الدكتور حسن السيد خليل، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، كلمة الأزهر الشريف نيابة عن فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، نقل في مستهلها تحيات الإمام الأكبر إلى الحضور، وتمنياته لعمال مصر بالتوفيق والسداد، مؤكدًا تقدير الأزهر لهذه المشاركة الوطنية التي تحتفي بذكرى ستظل من أعظم ما سُطّر في تاريخ الأمة.

أكد الدكتور خليل أن الأزهر الشريف يعتز بالمشاركة في هذا اللقاء الوطني الذي يجسد روح أكتوبر المجيدة، تلك الذكرى التي تعيد إلى الأذهان صفحة مضيئة من تاريخ مصر العريق، حيث التقت فيها إرادة الجيش والشعب، وسواعد العمال مع عزيمة المقاتلين، لتصنع معًا نصرًا خالدًا سيبقى عنوانًا للعزة والكرامة.

وأوضح أن حرب أكتوبر كانت معركة إيمانية قبل أن تكون عسكرية، خاضها الجندي المصري – مسلمًا كان أو مسيحيًّا – وهو يرفع راية الإيمان والعقيدة مرددًا “الله أكبر”، ليصبح الإيمان زاده والعقيدة دافعه والوطن غايته، مؤكدًا أن النصر الحقيقي لا يتحقق إلا حين تتوحد القلوب على الإيمان والعمل.

وأشار إلى الدور الوطني والروحي الكبير الذي قام به الأزهر الشريف خلال الحرب، حيث كان علماؤه في مقدمة الصفوف، ينطلقون من المنابر ليزرعوا في قلوب المصريين روح الصمود والثقة، ويذكّروهم بأن الدفاع عن الوطن واجب شرعي، وأن من يستشهد في سبيله ينال أجر الشهداء. كما أصدر مجمع البحوث الإسلامية بيانات أكدت هذه المعاني، دعماً للروح الوطنية في تلك المرحلة الدقيقة من عمر الوطن.

وتطرق الدكتور خليل إلى الدور التاريخي لفضيلة الإمام الأكبر الراحل الدكتور عبد الحليم محمود، شيخ الأزهر الشريف وقتها، الذي كان رمزًا للإيمان واليقين، وبشّر المصريين بالنصر قبل اندلاع الحرب بعد أن رأى رؤيا صادقة تبشّر بذلك، لتكون كلماته حينها مصدر إلهام ودافعًا قويًّا للجنود والمواطنين على حد سواء.

وشدّد على أن الأزهر الشريف كان وما يزال حاضرًا بعلمه ودعوته في كل معركة يخوضها الوطن، يجمع بين سلاح الكلمة وسلاح البندقية، ويؤكد أن النصر لا يصنعه السلاح وحده، بل يصنعه الإيمان والعمل المخلص، مستشهدًا بقول الله تعالى: {وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم}.

وأضاف أن حرب أكتوبر علمت المصريين أن الإيمان لا ينفصل عن العمل، وأن النصر لا يُهدى إلى الأمم الكسولة أو المتفرقة، بل يُمنح للأمم التي تتوحد على الحق وتعمل بإخلاص. وأكد أن روح أكتوبر ما زالت حية في ضمير الأمة، وأن على الأجيال الجديدة أن تستلهم منها دروس التضحية والبذل والعزيمة في مواجهة تحديات العصر.

وأوضح أن معارك اليوم لم تعد عسكرية فقط، بل أصبحت معارك وعي وفكر وبناء، داعيًا إلى توحيد الجهود لمواجهة الفكر المنحرف، ومؤكدًا أن الدفاع عن الوطن لا يكون بالبندقية وحدها، بل أيضًا بالفكر النقي والعلم الرصين والوعي السليم. وأكد أن الأزهر سيبقى حصن الأمة الفكري، وحارس وعيها في مواجهة كل فكر متطرف أو دخيل.

كما وجه الدكتور خليل تحية تقديرٍ وإجلالٍ إلى عمال مصر الأوفياء، الذين وصفهم بأنهم “الجنود الصامتون” الذين يجاهدون في ميدان العمل كما جاهد الجنود في ميدان القتال، يبنون في صمت ويعملون بإخلاص ويجسدون معنى الوطنية الصادقة في كل ما يقدمونه للوطن.

وكد أن هذه الذكرى العظيمة تأتي ومصر تعيش لحظة فارقة بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، الذي يقود البلاد والمنطقة بثباتٍ وحكمةٍ نحو السلام والاستقرار، ويسجل اسمه بحروفٍ من نور في سجل قادة التاريخ الذين حملوا مسؤولية أوطانهم بإخلاص وشجاعة.

وأشار إلى أن موقف مصر من القضية الفلسطينية يعكس ضمير الأمة ووفاءها، حيث تواصل مصر جهودها المخلصة في دعم الأشقاء الفلسطينيين ووقف نزيف الدماء في غزة ورفع الظلم عن الأبرياء، مؤكدًا أن مصر كانت وستظل قلب العروبة النابض وحصنها المنيع ضد العدوان والطغيان.

واختتم الدكتور حسن خليل كلمته بالدعاء لشهداء الوطن الأبرار الذين رووا بدمائهم تراب مصر الطاهر، سائلاً الله أن يحفظ مصرنا الغالية آمنةً مطمئنة، عزيزةً بين الأمم، وأن يديم عليها نعمة الوحدة والسلام والرخاء.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى