ماذا نفهم من طلب ترامب حضور نيتنياهو لمصر في اتفاقية السلام؟

تلقى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك أثناء وجود الأخير في إسرائيل بصحبة رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي تحدث أيضًا مع السيد الرئيس، وتم الاتفاق خلال الاتصال على حضور الرئيس السيسي قمة السلام المقبلة التي سيشارك فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ورغم أن الخبر يبدو في ظاهره حدثًا دبلوماسيًا، إلا أنه في جوهره يعكس اعترافًا دوليًا متجددًا بمكانة مصر ودورها المحوري في تحقيق الاستقرار العالمي والإقليمي.
إن اتصالًا يجري بين رئيس الولايات المتحدة ورئيس الوزراء الإسرائيلي من داخل إسرائيل بالرئيس السيسي، يحمل رسالة واضحة إلى العالم، مفادها أن مصر ليست مجرد طرف في المنطقة، بل هي الركيزة الأساسية التي يستند إليها ميزان الشرق الأوسط. فقد باتت القاهرة اليوم مرجعًا للحكمة والاتزان، وصوتًا عاقلًا في عالم يموج بالأزمات. والولايات المتحدة ومعها القوى الكبرى تدرك تمامًا أن لا حلّ يمكن أن يُكتب له النجاح دون التشاور مع مصر، لأنها الدولة التي تمتلك الشرعية التاريخية والوزن السياسي والقدرة على التواصل مع جميع الأطراف دون استثناء.
خلال السنوات الماضية، أعادت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بناء صورتها في العالم كقوة مسؤولة وموثوقة، تتعامل مع الأزمات بمنهج متزن قائم على المبادئ لا الانفعالات، وتضع دائمًا في مقدمة أولوياتها حماية الإنسان واستعادة الاستقرار. من مكافحة الإرهاب إلى إدارة أزمات الإقليم، ومن الدفاع عن القضية الفلسطينية إلى بناء جسور الحوار بين الشرق والغرب، كانت مصر تمارس دور الدولة الكبرى التي تفكر بعقلها لا بعاطفتها، وتقدم الحلول بدلًا من الشعارات.
الاتصال الذي جرى اليوم يأتي تتويجًا لهذا الدور المتصاعد، فالعالم ينظر إلى مصر باعتبارها مركز التوازن الإقليمي وصاحبة الكلمة الموثوقة في الملفات الشائكة. لقد أثبتت القاهرة أنها القادرة على الجمع بين المتناقضات، وعلى إدارة الحوار مع مختلف القوى دون أن تفقد ثوابتها أو تتنازل عن مبادئها، وهو ما جعلها في موقع احترام دولي نادر في هذا الزمن المضطرب. فلا واشنطن ولا موسكو، ولا حتى تل أبيب أو رام الله، يمكنها أن تتجاوز مصر في أي مسار يتعلق بالسلام أو بالأمن.
إن الاتفاق على مشاركة الرئيس السيسي في قمة السلام المنتظرة يؤكد أن مصر باتت الشريك الإجباري في كل معادلة دولية تخص المنطقة، وأن العالم ينظر إليها اليوم بعين مختلفة: دولة لا تمثل نفسها فقط، بل تعبر عن صوت العقل العربي والإرادة الإقليمية المتزنة. فبينما تتبدل التحالفات وتضطرب السياسات، تظل مصر هي الثابت الوحيد الذي يحتكم إليه الجميع عندما تشتد الأزمات، والمرجع الذي يعود إليه العالم حين يبحث عن طريق للخروج من المأزق.
وهكذا يتجاوز هذا الاتصال حدود البروتوكول إلى حدود المعنى؛ فهو تأكيد جديد على أن العالم يثق بمصر وبقيادتها، وأنها ما زالت – رغم كل التحديات – الدولة التي يُستدعى صوتها في اللحظة الفاصلة. ومهما تعددت المواقف، تبقى الحقيقة واضحة: أن لا استقرار دون مصر، ولا سلام يُصنع إلا من بوابتها