شارع فرنسا بالإسكندرية يعزز الحركة التجارية في عروس البحر المتوسط

تُعد منطقة المنشية بالإسكندرية من أقدم المراكز التجارية التي تزاوج بين التاريخ والحداثة، حيث يعبق فيها صدى الأسواق الشعبية وتاريخ تجارة الذهب والأقمشة منذ قرون، وتحتضن اليوم مسارًا يربط بين التراث والازدهار التجاري.
تاريخ السوق يروى أن سبب التسمية يعود إلى فترة الحملة الفرنسية على مصر، حين كان في الشارع اسطبل للخيل مخصصًا للجيش الفرنسي ونابليون بونابرت. مع مرور الزمن تحولت الأسطبلات إلى منازل ثم إلى محلات تجارية، وكان كثير من أصحابها في البداية من اليونانيين قبل أن يتحول الملكية إلى المصريين، فيما كان التجار من المغرب واليونان ودول البحر المتوسط يتوافدون لشراء البضائع من مصر وتصديرها إلى بلادهم. يرى خبراء الآثار أن سوق فرنسا يعود إلى بداية القرن التاسع عشر، حين شهدت مصر نشاطًا تجاريًا واسعًا وفتح باب الحراك التجاري أمام الجاليات العربية والأوروبية، ومع تغير الملكيات تحولت المحلات إلى باكيات تجارية كانت فيما مضى مكرسة لأنشطة خدمية وبيع الأقمشة والمواد المستعملة في تجارة الذهب ثم اكتسبت شهرتها كدار تجارة رئيسية للذهب في الإسكندرية.
أما سوق الصاغة في رمضانة الشارع فله مكانة بارزة كوجهة رئيسية لشراء شبكة العروس، إذ تشتهر محلاته بتنوع أشكالها وبأسعارها المعقولة مقارنة بمثيلاتها، وتضج المحالات بقرع الأصوات وتزغرد النساء احتفالًا بالشراء. ويرى عبد الرحمن سعيد، أحد أصحاب محلات الذهب، أن المهنة ورثها عن الأجداد وأن المحل من أقدم المحلات في سوق فرنسا، حيث يعود إلى عام 1910 تقريبًا، وتُكمل المحلات صاحبتها ورشها الخاصة التي تعتبر ميزة فريدة لا توجد في أماكن أخرى.
في نهاية السوق تقع محلات بيع الأقمشة، التي تعرض تشكيلة واسعة من الألوان والأنواع المناسبة للعروسة، وتستقطب زبائن من جميع المحافظات بما فيها القادمين من المحافظات المجاورة. يصف الزائرون هذا الشارع بأنه شارع البهجة والسعادة نظراً لجودة أقمسته وتنوعها، وهو مكان يلازم تحضير فرح العروس من خلال خيارات تلبي مختلف الميزانيات والذوق.
تجسد منطقة المنشية بذلك مزيجًا حيًا من التاريخ التجاري والتنوع الثقافي، حيث تتكامل أسواقها القديمة بنوافذها المتعددة مع حركة البيع والشراء الحديثة، لتبقى أحد أبرز محاور الإسكندرية الاقتصادية والترفيهية على حد سواء.