وزير الزراعة: «فاو» شريك أساسي لمصر في ضمان الأمن الغذائي

يؤكد ثمن فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) تشكل شريكًا أساسيًا لمصر في تعزيز الأمن الغذائي، داعيًا إلى التضامن والمسؤولية الجماعية لضمان حق كل فرد في غذاء كافٍ ومستدام. جاء ذلك خلال احتفال وزارة الزراعة و(فاو) بيوم الأغذية العالمي 2025، بالتزامن مع الذكرى الثمانين لتأسيس المنظمة، حيث بحث الحدث الدعوة إلى تعاون عالمي لبناء مستقبل يسوده السلام والاستدامة والازدهار والأمن الغذائي، من خلال تكثيف الجهود بين الحكومات والمنظمات والقطاعات والمجتمعات.
وشمل الحوار محورين رئيسيين: الدور الحيوي للتغذية في مواجهة العبء الثلاثي لسوء التغذية، وأهمية الابتكار وحلول الأعمال الزراعية في تجاوز التحديات التي تواجه القطاع. وفي كلمته، أشار الوزير إلى أن العالم يواجه تغيرات مناخية، ونقصًا في المياه، واضطرابات اقتصادية، لكن مصر تختار تحويل هذه التحديات إلى فرص نمو بفضل قيادة سياسية حكيمة.
كما شدد الاحتفال على تحمل المسؤولية المتزايدة تجاه الشعوب التي تعاني نقص الغذاء، مع الإشادة بجهود إنسانية من منظمات دولية مثل برنامج الأغذية العالمي وغيرها. وأكد أن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي وضعت الأمن الغذائي في صلب استراتيجيتها الوطنية كركيزة للاقتصاد والأمن القومي، مع إبراز التحولات النوعية التي حققتها الزراعة في السنوات الأخيرة.
وفي تعزيز التعاون الدولي، لفت إلى أهمية الشراكة مع الفاو وبرنامج الأغذية العالمي وشركاء التنمية الآخرين لتنفيذ مشروعات مشتركة، تهدف إلى تمكين صغار المزارعين وخاصة الشباب والمرأة الريفية، وتحسين التغذية المدرسية، وتطوير نظم الإنتاج المستدام، ورفع كفاءة سلاسل القيمة الزراعية. وأشار إلى ضرورة تبادل الخبرات والتكنولوجيا لخدمة أهداف التنمية المستدامة، وعلى رأسها القضاء على الجوع بحلول 2030.
من جانبها، أكدت الدكتورة عبلة الألفي نائب وزير الصحة للتنمية البشرية والسكان أن الغذاء حق إنساني وأساس للتنمية والاستقرار، مشيرة إلى أن سوء التغذية يؤثر سلبًا في القدرات الذهنية والجسمانية ويحمل آثارًا جينية، وهو ما يحتم استدامة الاستراتيجيات الوطنية في الأمن الغذائي. وأوضحت أن مصر رغم التحديات الدولية حققت ارتفاعًا في إنتاج الحبوب والقمح والسكر وخفضت الواردات، وأن المبادرات الوطنية مثل المبادرة الرئاسية للألف يوم الذهبية والاستراتيجية الوطنية للتغذية والبرنامج القومي للوقاية من التقزم وسوء التغذية تحت شعار (هنتغير) تستهدف خفض التقزم بنسبة 25% حتى 2027 عبر توعية وممارسات غذائية سليمة، وصحة الأم.
كما أكدت أن التغذية السليمة تبدأ من الحمل وتستمر خلال الألف يوم الذهبية الأولى في حياة الطفل، محذرة من أن سوء التغذية في هذه الفترة يترك أضرارا دائمة في النمو والإدراك، حتى تمس الجينات عبر آلية الإبيجينية وتؤثر في أجيال المستقبل. ورغم التقدم العالمي، أشارت إلى وجود نحو 673 مليون شخص يعانون الجوع، وآلاف الأطفال المصابين بالتقزم والأنيميا، داعية إلى تعاون مشترك لتحقيق عدالة غذائية.
وفي سياق رؤية مصر، أُعلنت أولوية الأمن الغذائي ضمن الأمن القومي، مع تحويل القيادة السياسية للسياسات إلى اكتفاء ذاتي وتحسين جودة الحياة، بما يتوافق مع الاستراتيجية القومية للتنمية الزراعية ومبادرة “حياة كريمة” التي تستهدف 60 مليون مواطن ريفي. ودعا الشركاء إلى تعزيز التعاون وتثقيف المواطنين حول سلوكيات غذائية سليمة وتحويل كل منزل من مستهلك إلى منتج، بما يعزز الكفاءة الغذائية والتنمية المستدامة.
وخلال الحدث، أشار الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للفاو للشرق الأدنى وشمال إفريقيا، إلى تاريخ العلاقة الوثيقة بين المنظمة ومصر، وافتتاح أول مكتب إقليمي للفاو بالقاهرة بعد عام من تأسيس المنظمة. وأشاد بالجهود المصرية في القضاء على الجوع وتحقيق الحق في الغذاء، مع الإشارة إلى التحديات العالمية والإقليمية والمحلية في الأمن الغذائي، وذكر أن نحو 800 مليون شخص حول العالم مهددون بالجوع، بينهم نحو 66 مليونًا في المنطقة العربية. كما أشار إلى أن مصر تواجه تحديات كبيرة بسبب السكان الكبير ونُدرة الأراضي والموارد المائية.
وركّزت الرؤية الاستراتيجية للفاو على أربع أولويات: إنتاج أفضل، تغذية أفضل، بيئة أفضل، وحياة أفضل، مع التأكيد على عدم ترك أحد خلف الركب. وعلى هامش الاحتفالية عرض طلاب جامعيون ابتكاراتهم في مسابقة FAOJect التي تنظّمها الفاو، شملت مشاريع مثل Genovator لتحويل ورد النيل إلى هيدروجيل صديق للبيئة، وحبيبات البيوتشار لرفع خصوبة التربة، إضافة إلى Zen من جامعة طنطا لتطوير محركات أيونية فضائية مستدامة، ومشروع Smart Raft الذي يستهدف إثراء الزراعة الذكية عبر منصة عائمة تعمل بالطاقة الشمسية وتستخدم حساسات إنترنت الأشياء لمعالجة مشاكل ملوحة التربة ونقص الأراضي.
كما شاركت نساء من محافظة المنيا في عرض لأشكال طعام صحية تعدّها ضمن مشروع دعمته الحكومة النرويجية، وهو ما أبرز أهمية التدريب والتمكين كعامل مباشر في تحسين مستوى المعيشـة والممارسات الغذائية الريفية. وتخللت الاحتفالية تكريم عدد من قيادات وزارة الزراعة والباحثين والشباب ورواد الأعمال والمزارعين الذين أسهموا في النهوض بالقطاع.
هذا المحتوى يركز على ترسيخ مكانة الغذاء كحق إنساني وضرورة عمل منسق بين المؤسسات الدولية والجهات الوطنية لتحقيق الأمن الغذائي والحد من سوء التغذية، مع إبراز أمثلة عملية وشركاء ومبادرات محلية ودولية تدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة.