الحياة تضيق الخناق

أجلس هنا، في زاوية غرفتي الصغيرة، أنظر إلى السقف وكأنه يحمل إجابات لأسئلتي التي لا تنتهي. الحياة، بكل تعقيداتها، تبدو كأنها تضيق الخناق عليّ يومًا بعد يوم. أشعر وكأنني عالق في متاهة، أبحث عن مخرج لا أعرف حتى إن كان موجودًا. الإحباط يتسلل إلى قلبي مثل البرد في ليلة شتوية قارسة، يجمد كل آمالي ويتركني أرتجف من الداخل.
كل يوم يبدأ بنفس الروتين الممل. أستيقظ، أحاول أن أجد دافعًا لأبدأ يومي، لكن شيئًا ما بداخلي يهمس: “لماذا؟ ما الجدوى؟” أحلامي التي كنت أرسمها في خيالي عندما كنت أصغر سنًا، تبدو الآن كأنها مجرد أوهام طفولية. كنت أؤمن أنني سأغير العالم، أنني سأكون شخصًا مميزًا، لكن الواقع يصفعني بقسوة. العالم لا ينتظرني، ولا يهتم بأحلامي الصغيرة.
أنظر إلى الآخرين من حولي، يبدون وكأنهم يعرفون إلى أين هم ذاهبون. لديهم خطط، أهداف، وابتسامات مرسومة على وجوههم. أما أنا، فأشعر أنني أتخبط في الظلام. كل خطوة أخطوها تبدو وكأنها تقودني إلى طريق مسدود. أحيانًا أتساءل: هل أنا الوحيد الذي يشعر بهذا الإحباط؟ هل هناك أحد آخر يشعر أن الحياة ثقيلة جدًا، كبيرة جدًا، لا يمكن تحملها؟
الأسوأ من ذلك هو الشعور بالعجز. أحاول أن أغير، أن أتحرك، أن أجد طريقة للخروج من هذا القفص الذي بنيته لنفسي، لكنني أعود دائمًا إلى نقطة البداية. كل محاولة فاشلة تضيف طبقة أخرى من الإحباط، كأنني أحمل صخرة تزداد ثقلًا مع كل خطوة. أحيانًا، أشعر أنني أريد أن أصرخ، أن أخبر العالم كله كم أنا متعب، كم أنا محبط، لكن من سيسمع؟ ومن سيهتم؟
لكن، في أعماق هذا الإحباط، هناك شرارة صغيرة، خافتة جدًا، لكنها موجودة. ربما هي الأمل، أو ربما مجرد عنادي الذي يرفض الاستسلام تمامًا. أخبر نفسي أحيانًا أن الإحباط ليس النهاية، بل هو جزء من الرحلة. ربما هذه اللحظات المظلمة هي التي ستعلمني شيئًا، ربما هي التي ستجعلني أقوى. لا أعرف إن كنت أصدق هذا حقًا، لكنني أتشبث به، لأنه الشيء الوحيد الذي يمنعني من السقوط تمامًا.
أكتب هذه الكلمات وأنا أشعر بثقل الإحباط على صدري، لكنني أكتبها أيضًا لأذكر نفسي أنني لست وحدي. ربما هناك شخص آخر يقرأ هذا الآن، يشعر بنفس الطريقة، ويحتاج إلى تذكير بأن الإحباط ليس عيبًا، بل هو جزء من كوننا بشرًا. ربما، فقط ربما، سنجد طريقنا يومًا ما، حتى لو كان الطريق طويلًا وشاقًا.
حتى ذلك الحين، سأستمر في الكتابة، في الصمود، في الأمل، لأنني، حتى في أحلك لحظات الإحباط، أرفض أن أكون مجرد ضحية لنفسي.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى