المتحف الكبير.. تحت قبة التاريخ.. مصر تصوغ شهادة ميلاد «دبلوماسية الحضارة»

تؤكد مصر من خلال فكرة قبتها الحامية أن حماية الوطن ليست مجرد قوة عسكرية بل رسالة تتصل بجوهر الوجود الإنساني وتبني جسوراً بين الشعوب والحضارات. قبة مصر تمثل، عبر نورها ومعناها، صدىً يربط الماضي بالحاضر ويُسهم في تشكيل وجهة نظر العالم نحو السلام والرخاء.
منذ فجر التاريخ كتبت مصر أن قبتها ليست فقط من معدن بل من إيمان عميق وتاريخ ممتد ورسالة خالدة. قبتها الروحية تظل سوراً غير مادّي يحمي الكرامة الإنسانية ويحفظ رسالات الأنبياء، فهنا عبرت مسارات إبراهيم وموسى ويوسف وعيسى عليهم السلام، وهنا حفظ الله رسالاته من عبث الضياع.
ومن هذه الرؤية، يدرك الرئيس عبد الفتاح السيسي أن حماية الوطن تبدأ من روحه ووعيه وهويته، فالمصرى ليس وطنًا فحسب بل فكرة ورسالة وجسرًا يربط حضارات لا تتصارع بل تتكامل. حماية الأمن القومي تصبح بذلك حماية لمعنى أعمق للإنسانية وتثبيتاً لمركز التوازن في عالم مضطرب.
وما ينتظر القاهرة خلال الأيام المقبلة من توافد لقادة العالم لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير ليس مجرد حدث ثقافي أو بروتوكولي، بل قمة حضارة حقيقية تقام عند سفح الأهرامات؛ حيث تتلاقى الحضارات وتتحاور الرسالات. حين يجتمع القادة عند الأهرام سيشعرون بأن الزمن يقف عند مصر، وبأن قمتها القيمية ليست حجراً بل رمز حضارة الإنسان.
عشرات الزعماء وممثلين عن قوى عالمية سيحلون على أرض الكنانة في لحظة تقرّب رمزي من مهد الحضارة ومصدر أولى الحضارة الإنسانية. كل خطوة tarضى على أرض مصر وكل نظرة إلى الهرم الأكبر تذكِّر بأن مصر كانت وستظل قبلة للعالم، ومركزاً للجاذبية الروحية والحضارية.
إن حفل افتتاح المتحف المصري الكبير ليس حضوراً بروتوكولياً فحسب، بل هو قمة حضارية تعلو فيها قبة مصر الحارسة لتبقى حاضنة الرسالات، ملاذ الأنبياء وبوابة الخير والعدل والحق في عالم يزداد حاجة إلى المعنى والنور. ومن هذه اليقينة صاغت القيادة رؤيةً حديثة لبناء الدولة تقف على حماية الوطن ليس بالسلاح وحده، بل بحماية الوعي والهوية والذاكرة الحضارية.
وقد أطلق الموقف المصري مشروع المتحف الكبير كأحد أعظم رموز هذه الرؤية، ليس كمتحف فحسب بل كقبة جديدة للروح المصرية تظلل العالم بما تحمله من حضارة تتجاوز حدود المكان والزمان. وعلى سفح الهرم، حيث تلتقي الأرض بالسماء، يتحول افتتاح المتحف إلى حدث عالمي يجمع قادة الدول وكبار المسئولين وشخصيات دولية من مختلف القارات.
الحضور المرتقب ليس مجرد مشاركة بل تعبيراً عن تقدير العالم لدور مصر كجسر بين الماضي والمستقبل، ولقدرتها على توظيف قوتها الناعمة في صياغة صورة عالمية جديدة. وفي قلب هذا الحدث تتجلى فكرة أن الحضارة هي لغة السلام والوحدة، وأن مصر التي علمت العالم معنى الخلود لا تزال تستطيع أن تمنحه أملاً في مستقبل أكثر اتزاناً وإنسانية.
وعندما تضاء أنوار المتحف الكبير على أفق الأهرام، ستبدو مصر كمن يعيد وصل ما انقطع بين الأزمنة، محققةً تواصلاً بين الحاضر والماضي في مشهد يليق بأمة خلدت طريقها إلى الخلود منذ فجر التاريخ. وفي إطار هذه الرؤية، تعبر مصر من بعيد إلى قريب عن رسالة أن الحضارة تستمر في أن تكون نورًا يلتقي به العالم، تُعزِّز به قيم الإنسانية وتُقوّي جسور التفاهم بين الشعوب.
وفي سياق تشابك الأحداث العالمية، جاء افتتاح المتحف بجانب فوز الدكتور خالد العناني بمنصب مدير عام اليونسكو، وتزامنه مع قمة شرم الشيخ للسلام التي جمعت كبار القادة لإيقاف نزف الدم في غزة، وتزامنها مع مناسبة انتصار السادس من أكتوبر. من تحت هذه القبة النورانية، ترفع مصر صوتها للعالم مُجدِّدة العهد بأن الحضارة هي لغة الحوار والالتقاء وأنها تعرف كيف تولد الحضارة من جديد في كل عصر.