مصر تتولى رئاسة الانتوساي: خلفيات افتتاح المؤتمر الدولي للأجهزة العليا للرقابة المالية

شهد صباح اليوم افتتاح المؤتمر الدولي الخامس والعشرين للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، الذي احتضنته مدينة السلام شرم الشيخ تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي وبحضور كبار رؤساء الأجهزة الرقابية من مختلف دول العالم والمنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة.
تم خلال الفعاليات تسلّم مصر، ممثلة في الجهاز المركزي للمحاسبات، رئاسة المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الإنتوساي) لمدة ثلاث سنوات مقبلة. وقد سلّم رئيس المنظمة المنتهية ولايته، فيتال دي ريغو، رئيس محكمة الحسابات الفيدرالية البرازيلية، الرئاسة إلى المستشار محمد الفيصل يوسف، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات. وتُعد هذه الخطوة ثمرة مسيرة طويلة من العمل المؤسسي والدور الريادي المصري في تعزيز قيم النزاهة والحوكمة ومكافحة الفساد، وهو ما يمنح رئاسة مصر في الإنتوساي زخماً واضحاً لقيادة المجتمع الرقابي الدولي نحو آفاق أوسع من الفاعلية والاستجابة للتحديات المعاصرة.
وفيما يخص الابعاد الدولية للمساهمة المصرية، أشير إلى أن مصر منذ انضمامها إلى الإنتوساي عام 1963 شاركت في عدة فرق عمل داخل المنظمة، كما تولت رئاسة مجموعة العمل المعنية بمكافحة الفساد وغسل الأموال، وساهمت في تطوير الأدبيات الرقابية العالمية من خلال بحوث ودراسات ومقالات علمية رصينة عززت حضورها في المجتمع الرقابي الدولي.
على المستوى الإقليمي، لعب الجهاز المركزي للمحاسبات دوراً محورياً داخل منظمة الأفروساي، من خلال التدريب ونشر المعرفة المهنية، ورئاسة تحرير المجلة الإفريقية الشاملة التي لا تزال تُصدَر تحت إشرافه حتى اليوم. كما عزّز الجهاز مكانته كمراجع خارجي لعدد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة، من بينها اليونيدو ومنظمة السياحة العالمية، وفاز مؤخرًا بمنصب المراجع الخارجي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لمدة ست سنوات تبدأ في عام 2026. كما تولّى الجهاز مهمة المراجع الخارجي للاتحاد الإفريقي، وهو ما يعكس الثقة الدولية والإقليمية في قدراته المهنية واستقلاليته وكفاءته في صون المال العام وتدقيق موارد المنظمات الدولية الكبرى.
ويمثل تولّي مصر رئاسة الإنتوساي انطلاقة جديدة للمجتمع الرقابي الدولي في مواجهة أزمات عالمية معقدة تشمل التغير المناخي، وتمويل التنمية المستدامة، وارتفاع التضخم والفقر، والتحديات المرتبطة بالفساد في المؤسسات الحكومية. وتتبنى مصر رؤية شاملة تعزز التكامل بين الرقابة والتنمية، عبر تبني أدوات مثل الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في أعمال المراجعة العامة، بما يتيح نقلة نوعية في أدوات العمل الرقابي، ويجعلها أكثر قدرة على رصد الإنفاق العام وتحليل البيانات وتعزيز الشفافية.
وتُبرز الرسالة المصرية أن العمل الرقابي ليس غاية في ذاته، بل وسيلة لخدمة الإنسان وصيانة مقدرات الدول وبناء مستقبل يتوازن فيه العدالة مع التنمية وتتكافأ فيه فرص الشمال والجنوب في مواجهة الأزمات العالمية.