رئيس شعبة النقل الدولي: قناة السويس ستشهد نشاطاً قوياً في حركة السفن خلال الربع الأول من 2026

تقرير حديث يؤكد أن العالم يواجه منذ سنوات سلاسل أزمات متراكمة من أوبئة وحروب واضطرابات سياسية وتقلّبات اقتصادية أثّرت سلباً في الممرات البحرية المباشرة بنبض التجارة واستقرارها، وما زالت تدفع بمزيد من التحديات أمام سلاسل الإمداد العالمية.
مع انتهاء الاشتباكات في غزة ووقف الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، يبدو أن المنطقة مقبلة على مرحلة هدوء تعيد رسم الخريطة اللوجستية والبحرية من جديد. في هذا السياق أشارت أرقام لاحقة إلى أن كبريات الشركات العالمية مثل Maersk وMSC وHapag-Lloyd اضطرت إلى الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، ما زاد زمن الرحلة بمعدل 10 إلى 14 يومًا ورفع تكاليف النقل بأكثر من 40%.
رغم هذه الضغوط، تواصل مصر تطوير موانئها ومناطقها الاقتصادية استعداداً لعودة الملاحة الطبيعية، فتم تحديث موانئ السخنة وشرق بورسعيد وتوسيع المناطق اللوجستية في الداخل. ومع استعادة الهدوء التدريجي في البحر الأحمر وتراجع المخاطر، عادت الثقة إلى قطاع النقل البحري بشكل تدريجي.
تشير المؤشرات إلى أن نحو 60% من الخطوط الملاحية العالمية بدأت بالفعل دراسة العودة إلى مسار قناة السويس خلال الربع الأول من عام 2026. المسافة عبر القناة أقصر بنحو 3,500 ميل بحري من الالتفاف حول أفريقيا، وهو ما ينعكس في زمن رحلات أقصر يمنح السلع الأوروبية والآسيوية قدرة تنافسية أعلى. بذلك تعود قناة السويس إلى دورها التاريخي كجسر بين الشرق والغرب، ولكن بروح جديدة قائمة على الموانئ الذكية والتحول الرقمي.
كما يتوقع أن تعود الإيرادات إلى أكثر من 9 مليارات دولار سنويًا بنهاية 2026، مع زيادة في أعداد السفن العابرة بنسبة 30–35%. الشركات العالمية التي بحثت عن بدائل في اليونان أو المغرب ستسعى للعودة إلى مصر والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس كخيار أول لتجميع البضائع وإعادة التصدير.
أما الممر الإماراتي-الإسرائيلي وطريق العراق إلى أوروبا فسيواصلان التطور كممرات بديلة، لكنها لن تعوّض عن ميزة النقل البحري عبر السويس من حيث الكفاءة والتكلفة. كما تدفع الدول الساحلية تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة الموانئ وسلاسل الإمداد لتحقيق أقصى كفاءة تشغيلية وأمان بحري.
ومن أجل الاستثمار السريع وجذب الشركاء العالميين قبل أن تستقر المنافسة الإقليمية، يظل التحدي الأكبر. فالعالم يعيد توزيع طرقه التجارية، ومن يملك القدرة على التنظيم والكفاءة يحجز مكانه في الممرات الجديدة للتجارة الدولية. الشرق الأوسط مقبل على تحول بحري ولوجستي كبير بعد سنوات من الاضطراب.
وتؤكد مشاركة وزارة النقل وهيئة قناة السويس في المحافل الدولية المقبلة، وعلى رأسها اجتماع المنظمة البحرية الدولية (IMO) المقرر عقده في لندن في نوفمبر، دوراً محورياً في إعادة بناء الثقة الدولية لعبور الخطوط الملاحية في البحر الأحمر. هذا الحضور يعكس التزام مصر بالشفافية والتعاون الدولي، ويعيد إلى الأذهان صورة قناة السويس كأحد أهم شرايين الاقتصاد العالمي وأكثرها أماناً واستقراراً.