رامى كامل يكتب : نقابة الصحفيين المصرية… بين غزّة والفاشر

يمرّ الآن أسبوع كامل على صراخ الفاشر، ويمرّ أكثر من عامين على معاناة السودان، ويمرّ أكثر من ستة أشهر على حصارٍ مُحكم على دارفور.
على مدار عامين لم تتوقف نقابة الصحفيين المصرية عن رفع لواء غزّة وتجاهُل أي شيء آخر بصورة يراها الأعمى متعمّدة. وعلى مدار عامين كانت نقابة الصحفيين المصرية صوت غزّة: من فعاليات، إلى تضامن، إلى بيانات، إلى احتجاجات.
ولكن… أين نقابة الصحفيين المصرية ممّا يحدث في السودان؟ أين هي من الإبادة في الفاشر؟ أين النقابة من القتل والخطف الذي يتعرض له الصحفيون، ومن اغتصاب الصحفيات؟
الإجابة كانت: بيان باهت.
أنا لست صحفيًا، حتى لا يبادر فارس مغوار من النقابة للرد على دعواي، ولكن أيضًا لم تكن فعاليات النقابة لغزّة من أجل الصحفيين فقط، بل رفعت شعار “نقابة قومية”.
هل النقابة قومية في غزّة وفاقدة للهوية في السودان؟
هل النقابة يسارية مع شعب غزّة ورأسمالية مع السودان؟
هل النقابة حصن للحريات مع غزّة، بينما السودان مطرودة من رحمة الحريات؟
أم أن النقابة ترى بمعيار “مَن القاتل؟”
فإن كان القاتل عربيًا مسلمًا نُزيح التراب تحت السجادة، وإن كان إسرائيليًا فهي الحرب؟
إن إزاحة التراب تحت السجادة لن تصنع لنا نظّارات سوداء تعمينا عن الحقيقة:
هناك عنصرية، وإن أردنا المجاملة سوف نخفّف المصطلح ونجمله ونسمّيه “خلل في المعيار”… لكن تذكّروا أنها عنصرية خضعت للتجميل.
المضحك أن نقاشًا دار بيني وبين أحد الصحفيين، فقال: “لن نحارب من أجل صحفيي السودان، فهم منقسمون، وكل منهم يتّهم الآخر بالخيانة، وكل نقابة واتحاد ينكر شرعية الآخر.”
فابتسمت، لأن كلامه جعلني أعتقد أن صحفيي فتح وصحفيي حماس “سمن على عسل”، وأن مكاتبهم الإعلامية موحدة وتعيش حالة ملائكية!
لا أنتظر الكثير من نقابة الصحفيين المصرية التي أصدرت بيانًا بعد مقتل أنس الشريف بساعات، وصمّت أذنها عن صحفيي الفاشر أسبوعًا كاملًا. لا أنتظر فعاليات تجمع الكتل الصحفية الدولية في مصر، ولا أنتظر أن تكون منصة النقابة مفتوحة لصحفيي السودان، ولا أنتظر أن تحدد النقابة بوصلتها ضد المجرم حميدتي، ولا أن تُظهر تضامنها وتحشد النقابات الزميلة في العالم.
لا أنتظر شيئًا… فأنا لست صحفيًا.
أنا مجرد رجل يدوّن ملاحظاته. ولن أشير لأحد موجود على صفحتي؛ فمن لا يقرأ نقده ويتأدب، لا يجب أن ننتظر منه شيئًا، فالسير الأعرج لن يُنتج طريقًا مستقيمًا.