الأنبا بولا ..رجل المهام الصعبه فى الكنيسة

جمال حورج
لا يمكن أن نمر على أسمه مرور الكرام دون أن نتوقف ونتأمل فى أسلوب تفكيره ” التحليلى” الذى تعلمت منه شخصيا الكثير ونستطيع أن نقول أن شخصيته الفريده كانت سببا فى إدخاله لأرشيف التاريخ الكنسى عن جداره وإستحقاق ودون مبالغه ،فنجح على مدار سنوات خدمته فى مختلف الملفات بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى استنباط حلولا لأصعب المشكلات الأسريه التى عجز الجميع عن حلها بل حتى الإقتراب منها لما له من خبرات ممتده عبر الزمان يطوعها بمهاره من أجل الخروج بحلولا غير تقليديه خارج الصندوق.
التحق عزمى أنيس سعد أو الأنبا بولا بالمركز القومى للبحوث ” جيوفيزيقا” بعد حصوله على بكالوريوس العلوم – قسم الجيولوجياـ بجامعه طنطا بتقدير إمتياز مع مرتبة الشرف وانهى بعدها خدمته العسكريه التى تبرز خلال إدارته لإيبارشيه و دقه مواعيده وأعماله بشكل عام .
ورغم نبوغه فى دراسته الإ أن قلبه كان متعلقا بحبال الرهبنه وإختارته السماء لينضم لأخوته الرهبان بدير البراموس بوادى النطرون فى ٢٣ يونيو ١٩٧٦ ثم رسم بيد قداسة البابا الراحل شنوده الثالث فى رتبة خورى ابسكوبس عام١٩٧٧ ثم حظى بدرجة الأسقفيه (كأسقف عام ) ثم رسم أسقفا على إيبارشية طنطا وكل توابعها وفى عهد البابا تواضروس تم ترقيته إلى “مطران ” عام ٢٠١٨
كان إختيار مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث له ليصبح رئيس المجلس الإكليركى العام فى مارس ١٩٨٩ لمصر والمهجر بمثابة ثقه كبيره من البابا فيه لعلمه بمهاراته الفكريه الفائقه التى اهلته لتولى المنصب ” الصعب” لما يحوى من مشكلات لا حصر لها تنتظر البت فيها بعقل القاضى وقلب الاب فى نفس الوقت ،هذه المعادله الصعبه كانت تحتاج لعقليه خاصه وجدها فى الأنبا بولا الذى قطع فيها مسافه كبيره بمعونه وإلهام الهى وارثى على اثرها قواعد ثابته يسير عليها من بعده آباء الكنيسة القبطية خلال لائحة إعادة تقسيم دوائر المجلس الإكليركى ليمتد إلى مجالس إقليميه وفرعيه بمختلف الإيبارشيات داخل وخارج الجمهوريه.
برع مطران طنطا فى علم المشوره الزوجيه قبل تأسيسه بسنوات والقى محاضرات فى مجال الأسره المسيحية بكليات اللاهوت الأرثوذكسية بجانب توليه لجان آخرى فى المجمع المقدس مثل شؤون الإيبارشيات و شؤون الأديره و الرعايه والخدمه وله مؤلفات عديده منها كتاب الأسره المسيحية و الطوفان و الوحدانيه بين الزوجين حتى وضع أساسيات مواد قانون الأحوال الشخصية الجديد للأقباط الأرثوذكس والذى انصف فيه الأطراف المظلومه فى السابق وعمل مع المعاونين على غلق الطريق على سماسره تغيير المله من المحامين وإرجاع حق المظلوم للمتضرر .
لم يكتفى القدر بتحميله هذا الأرث الثقيل بل حمل على عاتقه ملفات آخرى تظهر لنا ولاء و صدق ملموس ومرأى فى تنظيمه لجنازة البابا شنوده الثالث بدقه وصرامه لا تحمل خطأ واحد ثم توليه تنظيم الإنتخابات الباباويه فى ٢٠١٢ بكل ما تحمله من صعوبات لتخرج بصوره تبهر العالم أجمع بل امتد الأمر إلى تكليفه رسميا بعد ثورة ٣٠ يونيو لتمثيل الكنيسة القبطية فى لجنة الخمسين لصياغة الدستور والخروج بمكتسبات لأول مره للأقباط والكنيسه بشكل عام بوضع ماده تضمن إحتكام المسيحيين لشرائعهم الدينيه بجانب مساهماته فى مشروع بناء وترميم الكنائس فى ٢٠١٦ و التى ظلت من المحظورات لعهود طويلة الأمد منذ عهد الخط الهمايونى .
مواقفه ثابته و غير قابله للتبديل سواء فى القضايا الوطنيه أو التى تخص الكنيسة ، حيث كلفه البابا تواضروس الثانى شخصيا بالإشراف على إيبارشية البحيره بعد رحيل الأنبا باخوميوس- نائبا باباويا- ثم دخوله بقضية مدرسه الكرمه التى هزت الرآى العام و قوله كلمة الحق بكل جرآه و شجاعه اثارت وجدان الجميع و أوصلت الحقائق للأذان الصماء فى نفس الوقت .
وسعى لوضع أساسات لمشروعات روحيه وخيريه فى إيبارشيته بطنطا لا يوجد لها مثيل بداية من إنشاء مركز القديس يوسف النجار للتنميه بدير مارمينا فى إبيار ثم مصنع للزجاج المعشق ومزرعة لخدمة الغير قادرين على طريق القاهرة- الإسكندرية ولجنه تحمل أسم” السامرى الصالح- لدفن الموتى وصولا إلى صرح ” الفلك” الذى يقدم الدعم والتدريب لأصحاب متلازمه داون من ذوى الهمم بمشاركة مجتمعيه لشخصيات عامه من رموز طنطا منهم أحمد شوبير و الفنان محمد ثروت و فى إتجاه آخر ساهمت كاريزمة الأنبا بولا و لباقته فى الحديث والشرح فى إقتناص عيون المشاهدين على فضائية مى سات عبر برنامج ” أنا وبيتى” الذى تحول الى مرجع للباحثين عن الحقيقه و الحلول للمشكلات الزوجيه و تقليصها قدر الإمكان من خلال سرد حالات بعينها و تحليلها و منحها المشوره المناسبه لها .. من خلال السطور السابقه نستطيع أن نصفه بانه ” رجل المهام الصعبه” .