لعنة غزة.. نتنياهو يواجه اتهامات تصل إلى السجن 30 عاماً.. شمبانيا وهدايا فاخرة ورشوة إعلامية

يمر بنيامين نتنياهو رئيس وزراء حكومة اسرائيل بلعنة غزة، ويوجه عقوبات حبس تصل الي ثلاثين عام، وتنطلق الاتهامات كالرصاص ويجلس نتنياهو، على مقعده. عيناه تحدقان في القضاة الثلاثة، وصوته يرتفع أحياناً في غضب، ويهدأ أحياناً في دفاع.
منذ خمس سنوات، تحولت حياته إلى مسرحية درامية عنوانها “القضية الكبرى”، ثلاث محطات من الفساد، كل واحدة أكثر خطورة من الأخرى. اليوم، مع اقتراب شهادته من نهايتها، تتساقط الأقنعة، وتتراكم الأدلة، ويهتز البلد بأكمله.
هل ينجو من السجن؟ أم أن هذه هي نهاية عهده؟ نروي لكم القصة في ثلاث محطات، كل محطة قضية منفصلة، لكنها متصلة بخيط واحد: السلطة مقابل المال والإعلام.
المحطة الأولى: قضية 1000 – “قضية الهدايا”.. شمبانيا يومية وسيجار فاخر
كان عام 2007، وفي مقر إقامة رئيس الوزراء في القدس، كانت زجاجات الشمبانيا الوردية تُفتح يومياً. لم تكن عادية، بل من نوع Dom Pérignon، تُقدَّم في علب فاخرة، مع سيجار كوبي أصلي، ومجوهرات لامعة. “هدايا من أصدقاء”، كما قال نتنياهو.
لكن النيابة قالت: “رشوة مقنعة”. بين 2007 و2016، تلقت عائلة نتنياهو هدايا بقيمة 700,000 شيكل (حوالي 191,000 دولار، أو 300,000 دولار حسب تقديرات أخرى). السيجار الفاخر: حوالي 50,000 دولار، من أرنون ميلشان، المنتج الهوليوودي الذي أنتج أفلاماً مثل “الجواسيس السابقون” و”مستر آند ميس سميث”.
الشمبانيا لسارة نتنياهو: زجاجة يومياً، بقيمة آلاف الدولارات سنوياً. المجوهرات: قطع بقيمة 3,100 دولار. ميلشان لم يكن يقدم هدايا من فراغ. كان يريد شيئاً: تمديد إعفاء ضريبي للإسرائيليين في الخارج من 10 إلى 20 عاماً، تأشيرة إقامة طويلة في أمريكا، مساعدة في قضايا ضريبية. ونتنياهو، كوزير اتصالات، ضغط على وزارة المالية، واتصل بمسؤولين أمريكيين، وفعل كل ما يلزم. جيمس باكر، الملياردير الأسترالي، أضاف هدايا أقل، لكن دون مقابل واضح.
في جلسة 15 أكتوبر 2025، سأل المدعي العام: “كم زجاجة شمبانيا تشرب سارة يومياً؟” رد نتنياهو: “نمط حياة طبيعي… هدايا صداقة طويلة.” الجلسة كانت حادة. الدفاع حاول إيقاف الأسئلة الشخصية، لكن القاضية ريفكا فريدمان-فيلدمان سمحت بها. شهادة نتنياهو مستمرة منذ يناير 2025، مع تأجيلات بسبب الحرب في غزة، واجتماعات دبلوماسية. في 3 نوفمبر، قُصّرت جلسة بسبب “اجتماع عاجل”. النيابة ترى: “صفقة غير مشروعة”. ميلشان وباكر يشهدان: “صداقة فقط”.
المحطة الثانية: قضية 2000 – “الصفقة الإعلامية”.. محادثات مسجلة في الظل
في غرفة سرية، بعيداً عن الأضواء، جلس نتنياهو مع أرنون موزيس، ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ثاني أكبر صحيفة في إسرائيل. كان الحديث يدور حول صفقة سرية: تغطية إيجابية لنتنياهو، مقابل تشريع يُضعف صحيفة “إسرائيل هايوم”، المنافس اليميني المدعوم من شيلدون أديلسون. التسجيلات كشفت كل شيء: “أنت تعطيني تغطية جيدة، وأنا أعطيك قانوناً يحميك.” موزيس متهم بمحاولة رشوة. نتنياهو يقول: “كانت مناقشات افتراضية… لم تُنفذ أبداً.” النيابة ترى: “احتيال وخيانة أمانة”. القضية أقل تعقيداً، لكنها تُظهر نمطاً: السلطة مقابل الإعلام.
المحطة الثالثة: قضية 4000 – “بيزك-والا”.. الرشوة الكبرى
هنا تبدأ الدراما الحقيقية. نتنياهو، كوزير اتصالات بين 2014 و2017، يجلس مع شاول إلوفيتش، مالك شركة بيزك وموقع “والا”، ثاني أكبر موقع إخباري في إسرائيل. الصفقة: تسهيلات تنظيمية بقيمة 800 مليون شيكل (220 مليون دولار): إيقاف إصلاحات الإنترنت عالي السرعة، موافقة على بيع شركة Yes بربح 800 مليون شيكل، تغيير أكثر من 100 لائحة لصالح بيزك.
مقابل: تغطية إيجابية على “والا”: حذف مقالات سلبية عن نتنياهو (صور عائلية، فضائح)، نشر مقالات إيجابية بناءً على طلبات عبر واتساب. الأدلة: تسجيلات، شهادات من إيلي فيلدشتاين (المتحدث السابق)، مومو فيلبر، المسؤول الحكومي، يشهد باجتماعات توجيهية. نتنياهو ينفي: “لا اجتماعات… الاتهامات مفبركة”. لكن في أكتوبر 2025، جاءت شهادة صادمة من تساحي حافكين، نائب مفوض الشرطة المتقاعد: “اعتقالات كاذبة… تعديل محاضر… الشرطة علمت أن اجتماعاً لم يحدث، لكنه أُدرج في لائحة الاتهام.” في مارس 2025، ضرب نتنياهو الطاولة غضباً. القاضي: “خفض نبرتك.” في 4 نوفمبر: طلب إنهاء جلسة مبكراً لـ”اجتماع سياسي”. في 11 نوفمبر: وبخه قاضٍ على انفعاله بشأن سؤال عن سيجار. المحكمة تتوقع إنهاء شهادته في ديسمبر 2025.
الخاتمة: هل تنهار الحكومة؟
في الشارع، الاحتجاجات تشتعل. في الكنيست، “الليكود” يحاول تمرير قانون لتعيين نائب عام يُعيد النظر في القضية. في واشنطن، دونالد ترامب يصرخ: “صيد ساحرات… سنتدخل!” نتنياهو يواجه: سجن 10 سنوات إذا أُدين في الملف 4000، مذكرات توقيف دولية من المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب، انقساماً مجتمعياً لم تشهده إسرائيل من قبل. مع اقتراب ديسمبر، يقف “بيبي” على حافة الهاوية. هل يتحول الدفاع إلى انتصار سياسي؟ أم أن هذه هي نهاية الجبل السياسي؟ الإجابة في قاعة المحكمة… حيث يُقرر مصير إسرائيل.