صموئيل العشاي يكتب : العميد محمد سمير .. المحترم الراقي

في عالم الخدمة العسكرية والإعلامي، يبرز اسم العميد محمد سمير عبد العزيز كرمز للالتزام والاحترافية، حيث جمع بين الدقة العسكرية والرقي في التعامل مع الجمهور. ولد محمد سمير عبد العزيز في 5 نوفمبر 1967، في قلب مصر، وكان منذ صغره يحمل في نفسه روح الوطنية التي دفعت به نحو الكلية الحربية، حيث تخرج في 1 يوليو 1988، ليبدأ رحلة عسكرية مليئة بالإنجازات والتحديات.
بدأ العميد سمير مسيرته في سلاح المشاة، حيث قاد جميع الوظائف الحتمية حتى منصب قائد كتيبة، مما يعكس عمق خبرته في أرض المعركة والتدريب. كان عضواً في هيئة التدريس بمعهد المشاة، وشارك كمراقب عسكري في بعثات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عمله كملحق دفاع في الإمارات العربية المتحدة. هذه التجارب لم تقتصر على الجوانب الميدانية، بل امتدت إلى التأهيل الأكاديمي، إذ حصل على بكالوريوس العلوم العسكرية، وشهادات متقدمة مثل فرقة القفز الأساسية بالمظلات، فرقة الرماية الدولية، ودورات في الولايات المتحدة الأمريكية حول التحديات الأمنية الإقليمية والدبلوماسية العسكرية من مركز جنيف للسياسات الأمنية.
ما يميز العميد سمير هو رقيه في التعامل، فهو لم يكن مجرد قائد عسكري، بل رجل يجمع بين القوة واللباقة، كما يتضح من شهادات الزملاء والإعلاميين الذين وصفوه بـ”المحترم الراقي”، الذي يحافظ على هدوئه حتى في أشد الظروف توتراً.
في 1 يوليو 2014، عُيّن العميد محمد سمير المتحدث العسكري الرسمي للقوات المسلحة المصرية، خلفاً للعقيد أحمد محمد علي، في فترة حاسمة من تاريخ مصر شهدت تحديات أمنية واقتصادية. خلال فترته من يوليو 2014 إلى يناير 2017، كان صوته الرسمي الذي ينقل الحقائق بصدق وشفافية، يطمئن الشعب المصري ويواجه الشائعات ببراعة. تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ساهم في تعزيز صورة الجيش كحارس للوطن، من خلال تغطية العمليات الأمنية ضد الإرهاب، والجهود الإنسانية في الداخل والخارج.
كان العميد سمير يتميز بأسلوبه الإعلامي الراقي، حيث يجمع بين الدقة العسكرية واللغة الواضحة التي تصل إلى كل منزل مصري. في مؤتمراته الصحفية، كان يرد على الأسئلة بلباقة، محافظاً على سرية المعلومات الحساسة دون أن يفقد الثقة الشعبية. هذا الدور جعله وجهاً مألوفاً، وصوتاً يثق به الملايين، مما عزز من مكانته كشخصية محترمة في المجتمع المصري.
مع خروجه إلى المعاش في 1 يناير 2017، لم يتوقف العميد سمير عن خدمة وطنه؛ بل انتقل إلى ساحة الإعلام ليستمر في دوره كصوت موثوق. سرعان ما تولى رئاسة مجلس إدارة قنوات “العاصمة”، حيث ساهم في تطوير البرامج الإعلامية وتعزيز الوعي الوطني. بعد ذلك، تفرغ للكتابة الصحفية، حيث نشر مقالات في الصحف المصرية تتناول قضايا الأمن القومي، الدبلوماسية، والتحديات الإقليمية، مستفيداً من خبرته الواسعة.
في السنوات الأخيرة، شارك في حوارات تلفزيونية ومؤتمرات، مثل حواره في 2024 حول انتصار المقاومة ودور مصر، حيث أكد أن “لا أحد بعيد عن قدرات الدولة المصرية”. كما يحافظ على حضوره الرقيق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مثل صفحته على فيسبوك، حيث ينشر رسائل وطنية تلهم الشباب، ويشارك في أعمال خيرية تدعم أسر الشهداء والمصابين. حتى في اللحظات الشخصية الصعبة، مثل فقدان والده في 2024، أظهر صموداً يعكس رقيه الإنساني، محافظاً على خصوصيته دون أن يفقد تماسكه.
العميد محمد سمير ليس مجرد اسم في سجلات الجيش؛ إنه رمز للرجل المحترم الذي يجمع بين الشجاعة واللباقة. من ميادين المعارك إلى استوديوهات الإعلام، ومن الخدمة الرسمية إلى الكتابة الحرة، استمر في بناء جسور الثقة بين الشعب والمؤسسة العسكرية. في عصر يغلب فيه الضجيج، يظل صوته الراقي شاهداً على أن الاحترافية والأخلاق هما أعلى درجات الرتب. مصر تفخر بأبنائها مثل محمد سمير، الذي يثبت أن الرقي ليس في المناصب، بل في الإنسان نفسه.