لماذا يشعر البعض بارتفاع معدل الجريمة رغم انخفاضه رسميًا؟

يطرح تقرير موقع برلماني مختص بالشأن التشريعي والنيابي تفسيراً لسبب شعور المواطن بازدياد الجريمة في المجتمع رغم انخفاض معدلاتها رسمياً. يوضح أن المجتمع يتأثر بعدة عوامل تساهم في هذا الإحساس، لاسيما ارتفاع وتيرة التوثيق ونشر الأخبار المتعلقة بالجريمة. كما يشير إلى وجود فجوة ملحوظة بين ما تقضي به التشريعات وما يُطبق منها على أرض الواقع، وهو ما يجعل الصورة العامة أقرب إلى الواقع المحسوس من الإحصاءات. ويؤكد التقرير أن هذه العوامل ترتبط بظروف المجتمع وخصائصه والتغيرات التي شهدها خلال فترات مضت.

أبرز الأسباب والعوامل

يؤكد التقرير أن توثيق الجرائم بشكل مكثف يعزز الإحساس العام بارتفاع معدلاتها، حيث تتصدر وسائل الإعلام تفاصيل الحوادث وتعيد نشرها بما يتجاوز الإحصاءات الرسمية. كما يلفت إلى وجود فجوة بين التشريع والتطبيق، إذ تبقى آليات رصد الجريمة وتنفيذ الأنظمة محكومة بقيادات وإجراءات متباينة وعدم تناغم بين الجهات المعنية. ويربط التقرير هذه العوامل بواقع المجتمع وخصائصه والمتغيرات التي حدثت فيه في الفترات الأخيرة، ما ينعكس على شعور الناس بأن الجريمة في ازدياد. كما يشير إلى أن الضغوط الاقتصادية والبطالة والفقر تلعب دوراً أساسياً في تفاقم السلوك الإجرامي والعنف، وتزيد من احتمال وقوع الجرائم.

يرى التقرير أن من أبرز الأسباب ضعف الوازع الديني والفهم الخاطئ للدين، فالمجتمع يترنح بين الإفراط والتفريط ويتجه أحياناً نحو التشدد والاهتمام بالمظهر دون الجوهر. كما يشير إلى أن الأخطاء في التربية تقود إلى تشكيل شخصية غير سوية إذا غاب دور الآباء وانشغلوا بالحياة المادية وإهمال الإشباع العاطفي للأبناء. ويتناول التقرير غياب دور المدرسة في التوجيه والإرشاد وتراجع ثقافة المجتمع التي تشجع العنف والجريمة وتدفع إلى تبني موروثات ثقافية خاطئة، مثل جرائم الشرف التي لا شرف فيها وتُدفع ضحيتها دون أن يتحمل الجاني تبعات فعلته. ويؤكد أن هذه العوامل تتفاعل لتفسير وجود جيل أكثر عرضة للانحراف رغم انخفاض الجرائم الرسمية.

ومن بين العوامل المرتبطة بالواقع الاجتماعي جرائم الثأر التي لا تزال حاضرة رغم انخفاضها، وتتنوع أسبابها بين العادات والتقاليد الموروثة التي تؤدي إلى استمرارها وتكاليفها الإنسانية. كما يشير التقرير إلى أن الإدمان يضاعف معدلات العنف والسرقة ويؤثر في قدرة المتعاطي على اتخاذ القرارات السليمة. وتؤدي البطالة والفقر والضغوط الاقتصادية إلى ضغوط إضافية على الأفراد وتزيد من احتمال ارتكاب جرائم أو الانخراط في سلوك عدواني. ويربط التقرير بين هذه العوامل وغياب قدر كاف من الوعي والتوجيه في بيئة الأسرة والمدرسة، ما يعزز مخاطر الانزلاق نحو العنف والممارسات غير القانونية.

في ختام التقرير، يعرض خبير مختص روشتة للعلاج تؤكد أن الحلول ليست فقط في تشريعات أكثر صرامة، بل في تعزيز تطبيقها وتوحيد آليات التنفيذ وتخفيف الضغوط الاقتصادية وتوفير التوجيه الديني الصحيح. ويشدد على ضرورة مقاربة متكاملة تجمع بين الأسرة والمدرسة والجهات الحكومية وتطوير آليات الرصد والمتابعة وتوفير فرص العمل والحد من الفقر. كما يؤكد على أهمية إبراز نتائج تطبيقية واضحة وتوحيد إجراءات التنفيذ لضمان ثقة المجتمع في منظومة العدالة. وتختتم الفقرات بالتأكيد على أن ربط السياسات بمؤشرات واقعية وتقييم دوري يركز على الحد من الأسباب الجذرية للجريمة هو الأساس لتحقيق النتائج المنشودة.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى