تجربة مونيكا مجدي ملهمه للأقباط

بقلم صموئيل العشاي :

أتابع منذ فترة ما يفعله شباب الأقباط على وسائل التواصل الاجتماعي، وكلما تعمقت في المشهد أجد فئتين هما الأكثر حضورًا وتأثيرًا:
فئةٌ لا تتوقف عن المعارضة والصراخ، ولكن دون إدراك لطبيعة الملفات التي يخوضون فيها أو حجم التحديات التي يتحدثون عنها، وكأن الانفعال وحده يمكن أن يصنع وعيًا أو يحل أزمة.
والفئة الأخرى هي التي تُفرغ غضبها في الكنيسة، وتكيل الشتائم للبابا وللمؤسسة الكنسية، باعتبارهما سبب كل المشكلات الشخصية، بل وكأن شتمهما سيؤدي ـ بقدرة قادر ـ إلى حل مشكلات الأقباط كلها!

وسط هذا المشهد، ظهرت تجربة مختلفة قدمتها الزميلة الإعلامية مونيكا مجدي خلال خوضها انتخابات مجلس النواب. مونيكا استطاعت بحرفية أن تدير معركة انتخابية جيدة، وقدمت نفسها للرأي العام بصورة ناضجة وواضحة دون أن تلجأ للشكوى من كونها امرأة أو قبطية، ودون أن ترفع لافتة الاضطهاد لتبرير أي خطوة. هي واجهت ما هو أعمق: فسادًا، ومالًا سياسيًا، واستخدام نفوذ… وواجهت كل ذلك بشجاعة.

ما ميّز مونيكا أنها دخلت الانتخابات بعقلية الإعلامية التي تعرف كيف تتواصل مع الناس، وتشارك الجماهير تفاصيل الطريق إلى يوم الانتخاب، وتخلق حالة تفاعل حقيقية. وبأسلوبها نجحت في الضغط على خصم لجأ ـ إن شئت فقل ـ لأساليب “خالتي فرنسا” المعروفة من الفيلم الشهير.

لكن رغم قوة التجربة، يبقى ما ينقص مونيكا هو حنكة التربيطات السياسية وإدارة المشهد السياسي لا الإعلامي فقط. ينقصها المال، ثم المال، ثم المال… بالإضافة إلى نفوذ أجهزة الدولة الذي يُرجّح الكفة في دوائر مترامية الأطراف. وأظن أنها لم تذهب إلى أجهزة الإدارة لطلب العون أو للمساعدة في ضبط مشهد “خالتي فرنسا” الذي احتاج دعمًا من نوع آخر.

ومع ذلك، يبقى ما فعلته مونيكا مهمًا للغاية: فقد خلعت عن نفسها جلباب “القبطية المقهورة” التي تواجه المال السياسي والاضطهاد الديني، لتظهر في صورة الشابة التي تقف وحدها أمام حيتان المال السياسي وأباطرة الانتخابات.

وتبقى التحية مستحقة لمونيكا التي قدمت تجربة مُلهمة لشباب الأقباط:
أن يكونوا مواطنين كاملين… لا “أقلية” مزعومة تُخيفها الظلال قبل الحقائق

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى