وزير الكهرباء: الطاقة الشمسية أساس لاستراتيجية أمن الطاقة العالمي

يعلن المركز عن نشره مقالة للدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، ضمن العدد السادس من إصدار المركز “آفاق الطاقة” بعنوان “دور الطاقة الشمسية في مصر لتحقيق أمن الطاقة العالمي: رؤى وتحليلات إقليمية ودولية”. يوضح المقال أن أمن الطاقة ظل في مقدمة الأولويات الدول والحكومات بسبب تزايد الطلب والتقلبات الجيوسياسية، ما يجعل البحث عن بدائل موثوقة أمرًا حيويًا. يؤكد الدكتور عصمت أن الطاقة الشمسية تمثل لاعبًا رئيسيًا في تعزيز أمن الطاقة وتوفير مصادر طاقة نظيفة ومتجددة. كما يشير إلى أن التحول نحو الطاقة الشمسية يخفف الاعتماد على الوقود الأحفوري ويحرر الدول من تبعات تقلب الأسعار والصراعات العالمية التي تؤثر في سلاسل الإمداد.

دور الطاقة الشمسية في أمن الطاقة

توضح الطاقة الشمسية كخيار استراتيجي يساهم في تنويع مصادر الطاقة ويزيد من مرونة الشبكات الكهربائية. فهي مصدر متجدد وبلا حدود تقريبًا مقارنة بالوقود الأحفوري الذي يظل محدودًا، كما تقلل الاعتماد على الواردات وتحد من تقلب الأسعار العالمية وتداعيات الصراعات الدولية. وتتيح تقنيات كهروضوئية انتشارًا لا مركزيًا من المحطات الكبيرة إلى الأنظمة المنزلية، مما يعزز أمن الطاقة ويخفف من مخاطر اضطراب الإمدادات. كما تسهم هذه الكثافة في الوصول إلى المناطق النائية وتدعم التنمية المحلية وتقلل الفقر في الطاقة.

وأشار المقال إلى انخفاض تكاليف إنتاج الطاقة الشمسية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وهو ما يجعل الاستثمار فيها أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية ويقلل التكاليف على المدى الطويل. وتتيح هذه التطورات فرص عمل جديدة في التصنيع والتركيب والصيانة والبحث والتطوير، وتدعم النمو الاقتصادي وتحث على الابتكار. إضافة إلى ذلك، تسهم الطاقة الشمسية في حماية البيئة ومكافحة تغير المناخ من خلال تقليل الانبعاثات وتحسين جودة الهواء.

إمكانات مصر وخطة 2040

تشير تقديرات المقال إلى أن مصر تقع ضمن الحزام الشمسي العالمي وتستقبل معدلات إشعاع تتراوح بين 2000 و3200 كيلوات ساعة/متر مربع سنويًا، وهو ما يجعلها بين الدول الأكثر ملاءمة لتوليد الطاقة الشمسية. وتبرز إمكاناتها الهائلة كركيزة رئيسية لتوجيه التحول إلى اقتصاد أكثر استدامة، مع ربط الاستراتيجيات البيئية والاقتصادية بضمان وصول الطاقة للجميع بشكل عادل. وتؤكد الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتكاملة والمستدامة حتى 2040، والتي أقرها المجلس الأعلى للطاقة في أغسطس 2024، استبعاد توليد الكهرباء من الفحم وتوسيع الاعتماد على المتجدِّدات مع الاعتماد على الهيدروجين الأخضر، وتستهدف حصة الطاقة المتجددة 42% بحلول 2030 و65% بحلول 2040.

دور القطاع الخاص والآليات الحافزة

اعتمدت الوزارة حزمة حوافز لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في مشروعات الطاقة المتجددة، منها تخصيص أراضٍ للهيئة وتحديد قواعد تنظيمية لإتاحة الأراضي بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 54 لسنة 2023، مع إعداد دراسة تقييم أثر بيئي يتضمن هجرة الطيور. كما جرى التوقيع على اتفاقيات شراء للطاقة طويلة الأجل بين 20 و25 عامًا، والاستفادة من شهادات خفض الانبعاثات وتخصيص الأرض مقابل نسبة 2% من الكهرباء المنتجة سنويًا. وتضمنت الحوافز تخفيضات جمركية لمكونات الطاقة المتجددة لتصل إلى 2% وخفضًا في ضريبة القيمة المضافة لتصبح 5%، إضافة إلى تحديد العملة الأجنبية لعقد الشراء وبنسبة بسيطة بالعملة المحلية لتغطية التكاليف المحلية. كما جرى إصدار تراخيص إنتاج الكهرباء للمستثمرين من جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك وتعديل ارتفاعات التوربينات لتصل إلى 220 مترًا في المناطق المخصصة، بهدف رفع الجدوى الاقتصادية للمشروعات.

وتبرز التجارب الناجحة في قطاع الطاقة المتجددة من خلال مجمع بنبان للطاقة الشمسية في أسوان بقدرة إنتاجية تبلغ 1465 ميغاوات، وهو من أكبر المحطات في العالم بموقع واحد. يسهم المشروع في تقليل الانبعاثات الكربونية بنحو 2 مليون طن سنويًا، ما يعادل إزالة نحو 400 ألف سيارة من الطرق. وتستمر الجهود في تنفيذ مشروعات توليد الكهرباء من المتجددة لرفع القدرات وخفض الفاقد وتحسين كفاءة الشبكات بحلول 2030.

وتسعى مصر إلى تمكين دورها كمركز طاقة مستدام من خلال ربط الشبكات الإقليمية مع الأردن وليبيا والسودان، وتطوير ربط مع المملكة العربية السعودية بقدرة 3000 ميغاوات، بما يعزز التبادل وتصدير الطاقة النظيفة إلى الخليج. كما تعمل الدولة على ربط شبكاتها مع أوروبا عبر محاور مع اليونان وإيطاليا، لتصبح حلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا. وتأتي هذه الروابط في إطار تعزيز أمن الطاقة وتدفق الطاقة النظيفة عبر شبكات القارات بما يعزز الاستدامة والاعتماد المتبادل عبر الشبكات القومية والإقليمية.

تختتم المقالة بتأكيد أن الطاقة الشمسية تشكل حجر الزاوية في تحقيق الأمن الطاقي العالمي في القرن الحادي والعشرين من خلال تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتنويع المصادر وتعزيز اللامركزية وتوفير فوائد اقتصادية وبيئية كبيرة. وتدعو إلى الالتزام العالمي بالاستثمار في البحث والتطوير وتطبيق السياسات الداعمة وتوسيع التعاون الدولي لاستغلال قوة الشمس كاملة. كما تؤكد أن مصر بتبنيها لاستراتيجيات الطاقة المتكاملة والمستدامة وحتى 2040 تسهم في تحويل اقتصادها نحو الأخضر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وفي الختام، يعكس المقال الدور المحوري للطاقة الشمسية كركيزة رئيسية لمستقبل آمن ومستدام للبشرية جمعاء.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى