القومي لحقوق الإنسان: حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية راسخة دوليًا

يعلن السفير محمود كارم أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ليست مجرد آمال وإنما حقوق قانونية ثابتة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وتشمل هذه الحقوق حق التعليم والرعاية الصحية والسكن اللائق وفرص العمل والمشاركة الثقافية الفعالة. وتشكل بذلك حجر الأساس لبناء مجتمع مستدام ومتوازن. وأكد أن هذا المفهوم يندرج ضمن إطار دورة تدريبية إقليمية عقدت بجنيف حول تعزيز وحماية هذه الحقوق من خلال رصد الميزانية والمساءلة، والتي شارك فيها المركز الأممي للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان لغرب جنوب غرب آسيا والمنطقة العربية، إلى جانب مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر.

الحقوق كركيزة للمجتمع

أوضح كارم أن الحد الأقصى للموارد المتاحة يعني أن الدولة ملزمة بتوجيه إمكاناتها المادية والبشرية لضمان تمتع المواطنين بحقوقهم الأساسية. في هذا الإطار يبرز دور تحليل ورصد الميزانيات الوطنية كأداة لبيان الأولويات وتعزيز المساءلة السياسية والاقتصادية. فالميزانية ليست مجرد أرقام محاسبية بل وثيقة تعكس التزام الدولة سياسياً واقتصادياً وتطيق طريق التقدم. يبرز ذلك كمرتكز في إطار عملية رصد الميزانية التي تستخدم كآلية للمساءلة أمام المجتمع المدني.

تحليل الميزانية من منظور حقوق الإنسان

يرتكز هذا التحليل على أربعة مبادئ أساسية. أولها الشفافية والمساءلة التي تقيس مدى تخصيص الموارد وكيفية إنفاقها وتتيح للمجتمع المدني مساءلة الحكومة. ثانيها مكافحة التمييز الذي يكشف التوزيع غير العادل للموارد ويضمن ألا تستثنى فئات مثل النساء أو سكان المناطق النائية. ثالثها الصحة والتعليم حيث يحددان كيف يمكن أن يتراجع العطاء الحقوقي إلا بمبررات قوية وموقتة إذا وُجدت. رابعها الإعمال الفوري للحد الأدنى لضمان توفير مستوى أساسي من الرعاية الصحية والتعليم للجميع.

دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان

أوضح كارم أن المجلس القومي لحقوق الإنسان هيئة وطنية مستقلة تؤدي دوراً محورياً في هذا المجال. يجب أن ننتقل من رصد الانتهاكات التقليدية إلى متابعة السياسات الاقتصادية والمالية التي تؤثر مباشرة في الحقوق، وتطوير الكوادر المؤهلة للقيام بهذا الرصد والتحليل الدوري للميزانيات بما يعزز حماية الحقوق الإنسانية. كما يرى أهمية وجود آليات لتعزيز الشفافية والتواصل مع المجتمع المدني لضمان مشاركة فعالة في وضع الأولويات ومراقبة التنفيذ.

يجب إصدار تقارير دورية حول مدى توافق الميزانية العامة مع الالتزامات الدولية في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومتابعة تطور الإنفاق في هذه الحقوق. كما ينبغي تطوير مؤشرات حقوقية لقياس أثر الإنفاق على الفئات الأكثر ضعفاً وإعداد سياسات وخطط عمل قائمة على مبادئ حقوق الإنسان. كما يدعو إلى موازنات مستجيبة للنوع الاجتماعي وتضمين منظور النوع الاجتماعي في التخطيط المالي. وينبغي تعزيز الشراكة مع المجتمع المدني لضمان أن تكون عملية تحليل الميزانية أداة مشاركة ومناصرة. وتشتمل هذه الأطر التعاون مع الأجهزة الإحصائية لجمع البيانات وإعداد مؤشرات متابعة وتقييم للإنفاق العام على حقوق الإنسان.

وختاماً يرى أن هذا التدريب يمثل فرصة ذهبية لتعميق الفهم وربط الإدارة المالية العامة بحماية كرامة الإنسان. ويدعو إلى عمل جماعي يزودنا بالمعرفة والأدوات اللازمة لعكس كل رقم في الميزانية التزاماً بالعدالة والإنصاف. كما يؤكد أهمية الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني لضمان حماية حقوق الإنسان للجميع.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى