الكوميسا: ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لدول التجمع 154%

أصدرت منظمة الكوميسا التقرير السنوي للاستثمار 2025 حول الاستثمار الأجنبي المباشر في إقليم التجمع، بهدف تعزيز فهم التطورات وتحليلها بناءً على بيانات محدثة وتوصيات تستند إلى الخطة متوسطة المدى 2026–2030. صدر التقرير بالتعاون مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ووكالة الاستثمار الإقليمية COMESA RIA، على هامش الاجتماع السنوي للمجلس الوزاري للدول الذي عقد في زامبيا بمشاركة 18 دولة ومؤسسات دولية وإقليمية. ويعرض التقرير اتجاهات الاستثمار في الإقليم ويقدم نتائج عملية تسهم في تعزيز سياسات الدول الأعضاء واتخاذ قرارات أكثر فاعلية.
تدفقات الاستثمار 2024
أظهر التقرير زيادة قوية في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دول الكوميسا خلال 2024 بنسبة 154% ليصل الإجمالي إلى 65 مليار دولار، ويعزى ذلك أساساً إلى مشروع رأس الحكمة في مصر. وحتى عند استثناء رأس الحكمة، حققت التدفقات نمواً قدره 16%، وهو ما يعكس تحسن الثقة في أنشطة الإقليم. وارتفعت حصة الكوميسا من الاستثمار العالمي من 2% إلى 4%، ومن تدفقات الدول النامية من 3% إلى 7%، وتمثل 67% من إجمالي تدفقات إفريقيا. ويواصل المستثمرون الأوروبيون والأمريكيون تقدّمهم، مع وجود هولندا والولايات المتحدة ضمن أبرز الشركاء.
تمويل المشروعات الدولية
ولاحظ التقرير قفزة كبيرة في تمويل المشروعات الدولية IPF، إذ تضاعفت قيمته تقريباً ليصل إلى 79 مليار دولار بنمو يقارب 93%، وهو ما يمثل أربعة أخماس قيمة المشروعات الممولة في إفريقيا. ويعزى هذا النمو إلى توسع ملحوظ في مشروعات الطاقة المتجددة وشبكات الكهرباء ومشروعات البنية التحتية الكبرى في مصر وتونس ورواندا ومالاوي. وتبرز أيضاً مساهمة الكوميسا كوجهة رئيسية للمشروعات الدولية الكبرى داخل القارة.
مشروعات Greenfield وتوزيعها
وحافظت مشروعات Greenfield على مكانتها، حيث أعلنت مشروعات بقيمة 77 مليار دولار خلال 2024، وهو ثاني أعلى مستوى تاريخي للكوميسا. واستحوذت دول التجمع على نحو ثلثي إجمالي قيمة مشروعات Greenfield في إفريقيا، مما يعزز مكانتها كوجهة رئيسية للمشروعات الجديدة. وعلى الرغم من ذلك، يظل الاستثمار البيني داخل الكوميسا محدوداً، إذ لم يتجاوز 3% من عدد مشروعات Greenfield و6% من قيمتها، ما يحد من الفوائد التنموية الشاملة دون توسيع قاعدة الدول المستفيدة.
توزيع التدفقات وتركزها
رغم ديناميكية النمو، يشير التقرير إلى استمرار التركز الشديد في التدفقات الاستثمارية، حيث استحوذت خمس دول هي مصر وإثيوبيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية وكينيا على نحو 90% من إجمالي التدفقات الوافدة. كما ظل الاستثمار البيني داخل الكوميسا محدوداً، وهو ما يحد من إمكانات تحقيق منافع تنموية متوازنة دون توسيع قاعدة الدول المستفيدة. وتبرز الحاجة إلى توسيع المشاركة بما يضمن توزيعاً أوسع للفوائد عبر الإقليم.
أداء القطاعات الرئيسة
أظهر قطاع البناء نمواً كبيراً بلغ خمسة أضعاف، مدعوماً بتوسع واسع في مصر. كما ارتفعت استثمارات المعادن الأساسية بنحو 71%، بينما حافظ قطاع الطاقة والغاز على موقعه كأكبر قطاع من حيث القيمة بنمو قدره 22%. وفي المقابل، تراجع قطاع الاستخراج بنسبة 61% بعد عامين من الأداء القوي، كما انخفض الاستثمار في التكنولوجيا والاتصالات بنسبة 55% مقارنة بذروة 2023.
أداء قطاعات التنمية المستدامة
وفيما يتعلق بالقطاعات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة، سجل التقرير اتجاهات متباينة؛ فارتفاعت الطاقة المتجددة بنمو قوي بلغ 67%، وارتفع الاستثمار في الصحة والتعليم بنسبة 130% رغم قاعدة البداية الضعيفة. وعلى النقيض، تراجع الاستثمار في نظم الأغذية بنسبة 34% بسبب ضغوط عالمية، وانخفضت الاستثمارات في المياه والصرف الصحي بنسبة 76%، كما سجلت البنية الأساسية تراجعاً بنسبة 54% رغم زيادة التمويل الدولي لمشروعات النقل. وتؤكد هذه المعطيات أهمية التوجيه الاستثماري نحو قطاعات ذات أثر مباشر على التنمية الشاملة.
أولويات النمو المستدام
حدد التقرير خمس أولويات لضمان استدامة النمو الاستثماري داخل الكوميسا؛ وتتمثل في توسيع قاعدة الدول المستفيدة، دعم التصنيع وزيادة القيمة المضافة، تسريع تطوير البنية الرقمية لسد فجوة الاستثمار في ICT، تعزيز تنمية رأس المال البشري عبر أدوات تمويل مبتكرة، وتحسين جودة البيانات لدعم قرارات أكثر دقة. وتؤدي هذه الأولويات إلى تعميق التكامل الإقليمي ورفع جودة وتنوع الاستثمارات الموجهة للمنطقة. كما تشدد على ضرورة ترجمة التوصيات إلى إصلاحات ملموسة لدى الدول الأعضاء والجهات المعنية.
ردود الفعل الرسمية
رحب السفير الدكتور محمد قدّاح، الأمين العام المساعد للبرامج، بنتائج التقرير وأكد أن الارتفاع القياسي في التدفقات يعكس ثقة عالمية متزايدة في اقتصاديات الكوميسا وأن التقرير يعزز مكانة التجمع كوجهة استثمارية رائدة في إفريقيا. وأشار ريتشارد بولوين، مدير فرع أبحاث الاستثمار في UNCTAD، إلى أن 2024 شهد نموّاً قياسياً في الإقليم رغم التباطؤ العالمي، مع فرصة حاسمة لتعزيز المرونة عبر توسيع قاعدة المستثمرين وتطوير البنية الرقمية وتفعيل دور الشركات الصغيرة والمتوسطة. من جانبها قالت هبة سلامة، الرئيس التنفيذي لوكالة الاستثمار COMESA RIA، إن التقرير أداة استراتيجية تدعم تنافسية الإقليم وتوفر رؤى عملية لجذب استثمارات مستدامة ذات جودة أعلى، مع التزام الوكالة بتحويل التوصيات إلى إصلاحات ملموسة.