خبير اقتصادى يوضح أثر انخفاض سعر الدولار عالميا على الدين الخارجى المصرى

أعلن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أن 77% من الزيادة الأخيرة في الدين الخارجي ترجع إلى انخفاض الدولار عالميًا أمام العملات الأخرى. وأوضح أن هذا التفسير يعتمد على تحليل محاسبي لطريقة تقييم الدين وفق سلة العملات في الدين المصري متعدد العملات. وتبيَّن أن الفهم الصحيح لهذا الفرق يسهم في توضيح أثر التغيرات الدولية على وضع الدين العام.

أثر التقييم المحاسبي

شرح الدكتور محمد الجوهرى، الخبير الاقتصادي، أن هذا النوع من التصريحات يرتبط بتقييم فني لطريقة قياس الدين الخارجى، الذي يتأثر عادةً بتقلبات أسعار العملات الدولية. وأوضح أن الدين المصري مقوم بعملات متعددة وليس بالدولار وحده، ويشمل اليورو وحقوق السحب الخاصة واليوان والين والجنيه الإسترليني. وعند تقلب أسعار هذه العملات أمام الدولار تحدث فروق إعادة تقييم، فمثلاً إذا كان الدين مقومًا باليورو وارتفع سعر صرف اليورو من 1.05 دولار إلى 1.12 دولار، فإن قيمته الدولارية تزداد، وهو ما يُعرف بتأثير إعادة التقييم.

وأضاف أن الدولار شهد خلال العام الماضي تراجعًا نسبيًا أمام عدد من العملات نتيجة توقعات خفض الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي وتفاوت وتيرة النمو بين الولايات المتحدة وأوروبا والصين. وفي إطار الدول التي تحمل ديونًا متعددة العملات، تتأثر مصر بهذا التغير وتُعاد تقييم الالتزامات وفق القيمة الجديدة للدولار. كما ذكر أن الزيادة الظاهرة في الدين الخارجي جاءت من تحولات الأسعار وليست من اقتراض فعلي جديد، ف77% تعني أن جزءًا من الزيادة ناتج عن التقييم، بينما الجزء الآخر ناتج عن التزامات فعلية بنحو مقداره نحو 2.3 مليار دولار وفق المنطق المحاسبي.

وأشار إلى أن الدولار شهد تراجعًا نسبيًا أمام عدة عملات خلال الفترة، وهو ما يفسر جزءًا من التغير في قيمة الدين بالجنيه المصري وفقًا لقيمة الدولار الجديدة. ورأى أن مصر، مثل الدول ذات الدين متعدد العملات، تتأثر بهذا التغير وتعيد تقييم الالتزامات وفق الأسعار الجديدة. ولفت إلى أن هذا التفسير المحاسبي لا يعفي من الاعتراف بأن إدارة الدين الخارجي تظل أحد أبرز التحديات الاقتصادية في المرحلة الراهنة، وبالتالي يتطلب الأمر فهمًا أعمق وقرارات سياساتية متوازنة.

وأشار الخبير إلى أن مصر تتأثر أكثر بسبب وجود حصة كبيرة من الدين مقوم بغير الدولار، إضافةً إلى وجود شريحة من حقوق السحب الخاصة ترتفع قيمتها تلقائيًا عند ضعف الدولار. ودعا إلى تنويع مصادر العملة الصعبة، وزيادة الصادرات الصناعية والزراعية، وتوسيع السياحة، وتحسين مناخ الاستثمار وتوجيهه نحو مشاريع ذات قيمة مضافة. كما شدد على تحسين هيكل الدين من خلال تقليل الدين قصير الأجل، وزيادة التمويل الموجه للمشروعات الإنتاجية، والاعتماد على أدوات مالية مرنة للتحوط من تقلبات سعر الصرف، بالإضافة إلى تعزيز إدارة الاحتياطيات لتقليل حساسية المراكز المالية أمام تغيرات الدولار.

وفي ختام الحوار، قال الخبير إن تفسير الحكومة بأن 77% من الزيادة ناجم عن انخفاض الدولار يظل تفسيرًا محاسبيًا وليس دلالة على اقتراض جديد. وأكد أن إدارة الدين الخارجي تبقى من أبرز التحديات، وأن على الدولة الانخراط في مسار مزدوج يتمثل في تحسين مؤشرات الدين وتعزيز قدرة الاقتصاد على توليد موارد نقد أجنبي من التصدير والاستثمار والسياحة والطاقة واللوجستيات والصناعات التحويلية، بهدف جعل الاقتصاد قادرًا على تمويل احتياجاته من العملات الأجنبية بشكل مستدام وتخفيف حساسيته أمام تقلبات أسعار الصرف الدولية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى