متى يصبح لقاء السيسي ونتنياهو برعاية ترامب واقعيًا؟

منذ اندلاع الحرب على غزة، وجدت إسرائيل نفسها أمام عزلة دولية طاحنة؛ عزلة لم تصنعها الشعارات، بل صنعتها مشاهد الدم والدمار والتوسع وتهديد دول الجوار العربي. ولأن نتنياهو يستوعب تمامًا أن الخروج من تلك العزلة يحتاج إلى قوة إقليمية مؤثرة؛ فإن بوابة مصر هي الأكثر قدرة على كسر هذا الطوق.

لكن هذه اللحظة لم تأتِ مجانًا، ولا صدفة، بل جاءت بعد سلسلة محاولات ضغط إسرائيلية على مصر عبر مسارات متعددة:

أولًا: الضغط الإعلامي والسياسي

استخدمت إسرائيل ماكينتها الإعلامية لإرباك الداخل المصري، وتشويه المشاريع القومية، وترويج أكذوبة “مصر تحاصر غزة”؛ على أمل إعادة إنتاج سيناريو الفوضى عام 2011.

ثانيًا: الضغط الإنساني والعاطفي

تم استغلال فظائع غزة لإثارة موجات تعاطف عالمي تُهيئ لقبول التهجير إلى سيناء كخيار اضطراري، في أكبر تهديد مباشر للأمن القومي المصري منذ عقود.

ثالثًا: الضغط الاقتصادي
شمل هذا الأمر تعطيل الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس عبر وكلاء في اليمن. وتحريك ملف سد النهضة واستخدام إثيوبيا كورقة تهديد. ووقف تصدير الغاز الذي تستفيد منه مصر بالتسييل والبيع لأوروبا.

رابعًا: الضغط الأمني والعسكري

احتلال محور فيلادلفيا لفرض استنزاف مالي على مصر بتحريك قوات وطيران ومعدات. فأي تحرك عسكري يعني مليارات تُستنزف من ميزانية الدولة، وهذه حرب استنزاف اقتصادية غير معلنة.

لكن تلك الضغوط فشلت تمامًا في تغيير قرار الدولة المصرية.
مصر لم تنجرّ لاستفزاز، ولم تسقط في فخ الحرب، ولم تتخلَ عن ثوابتها. ومع الوقت فقدت إسرائيل أوراق الضغط واحدة تلو الأخرى.

مصر اليوم لاعب لا يُملى عليه

التحالفات المصرية المتوازنة مع الصين وروسيا والهند والاتحاد الأوروبي، وشراكات اقتصادية عربية ممتدة من الربط الكهربائي إلى الطاقة والموانئ، جعلت من القاهرة مركز اتزان في ثلاث قارات.

أدركت واشنطن وترامب – قبل تل أبيب – أن كسر عُزلة إسرائيل يمر فقط عبر القاهرة لا عبر ضغوط أو عروض مالية.

هل يمكن أن يقبل السيسي لقاء نتنياهو؟

الجواب: لا يُستبعد.. لكن بشروط مصر وليس بشروط أحد.

مصر لا تتحرك من أجل صفقة غاز، ولا “تشتري بالمال”، بل تتحرك حين يتحقق تغيير استراتيجي حقيقي، مثل:
• قبول رؤية مصر لإعادة إعمار غزة.
• ضمان قيام دولة يديرها الفلسطينيون بلا وصاية غربية.
• انسحاب من لبنان وتوقف العبث في سوريا وليبيا والسودان.
• إنهاء استخدام إثيوبيا كأداة لتهديد الأمن الإقليمي الأفريقي.

حينها فقط يصبح اللقاء خطوة محسوبة وليست هدية مجانية تلمّع نتنياهو على شاشات العالم.

لماذا لن يكون اللقاء قريبًا؟

لأن إسرائيل تحتاج أولًا لتهيئة رأيها العام المأزوم نفسيًا واقتصاديًا؛ ليقبل العودة إلى “نقطة صفر سياسية”، والاعتراف أن ما تم السعي وراءه لسنوات انتهى دون نتائج.

القشة التي غيّرت قواعد اللعبة

كان معرض “إيدكس” نقطة تحول؛ ظهرت فيه قدرات مصرية في الطائرات المسيرة والمدرعات والقطع البحرية الشبحيّة، ما جعل موازين القوة الإقليمية تتغير.
عصر الأساطيل العملاقة يتحول، ومسيرات صغيرة قد تجعل سفنًا هائلة حطامًا في قاع البحر خلال ساعات.

لقد خرج المارد المصري من القمقم، ومن استحضر العفريت.. عليه أن يتحمل تبعات ظهوره.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى