طارق بن شعبان: قرطاج السينمائي يدعم سينما المؤلف بالقضايا الإنسانية

يعلن محمد طارق بن شعبان مدير الدورة السادسة والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية عن ثوابت المهرجان ومساره الداعم لسينما المؤلف الملتزمة بقضايا الإنسان. يؤكد أن البرمجة تلتزم بتلك الثوابت وتدعم مواصلة مسار المؤسسين ومساحة سينما الجنوب. يوضح أن فلسطين ستكون حاضرة بقوة في البرنامج من خلال افتتاح الفيلم الفلسطيني ومساهمات فلسطينية في أقسام عدة. كما يبرز أن وثائقيات “من المسافة صفر” التي أنتجها رشيد مشهراوي تشكل الجزء الثاني من مشروع صوّر خلال حرب الإبادة ووثق فصول الانتهاكات في غزة.

أوضح أن اختيار الدورة يركّز على إبراز فلسطين كعنصر مركزي ومحور ثقافي في الأيام، مع التزام واضح بتقديم إنتاجات فلسطينية وأعمال وثائقية من المنطقة ضمن المسافات الجغرافية المختلفة. وأشار إلى أن هذه الروح تعمل على تعزيز الحوار حول قضايا الإنسان وتحالف السينما العربية مع سينما الجنوب. كما أكد أن الدورة ستواصل حفظ الذاكرة السينمائية من خلال عروض وأرشفة تتكامل مع رؤية المهرجان. وتابع بأن الأهداف تتجسد أيضًا في فتح قنوات جديدة للجمهور الشاب عبر مسار يوازن بين التراث والحداثة.

سينما تحت المجهر وتنوعها الدولي

أشار بن شعبان إلى أن قسم “سينما تحت المجهر” سيولي اهتمامًا خاصًا بالسينما الأرمنية وخصوصيتها في ثيماتها ورؤى مخرجيها، مع عروض مرتبطة بمعلقات الأفلام الأرمنية احتفاءً بهذا التراث. ومن بين الأسماء البارزة التي تبرز في هذا التوجه السينمائي المخرج العالمي سيرغي باراجانوف. كما سيُعرض في المعرض المخصص للمعلقات أرمنية تعزز الارتباط بفنون هذه السينما وتاريخها.

وتطرق إلى أن قسم “سينما تحت المجهر” سيضم أيضًا عروض للسينما الفلبينية ضمن إطار القسم نفسه، مع تسليط الضوء على تجارب من إسبانيا وأمريكا اللاتينية. ومن بين الأفلام المبرمجة في هذا الإطار فيلم “دماء كوندور” (Yawar Mallku) للمخرج البوليفي خورخي سانجينيس. وتُسند هذه المحاور إلى رصد تنوّع التجارب الدولية وربطها بمفاهيم سينما المحك والبحث.

الأهمية والآفاق: السينما العربية الجديدة والحوارات

وذهب بن شعبان إلى أن السؤال حول السينما العربية الجديدة ملحّ اليوم، لذلك كان من المهم برمجة عدد من الأفلام البارزة في العشريات الأخيرة وتنظيم مائدة مستديرة حول هذه السينما. وتتيح هذه الفعالية مساحات جديدة للنقاش وتبادل الآراء والأفكار بين صناع ومهنيّي المجال. كما تؤكد البرمجة المتنوعة قدرة المهرجان على تقديم رؤى مغايرة وتسهيل التلاقي بين مدارس سينمائية مختلفة.

وأشاد بن شعبان بمكانة سليمان سيسيه وبولين فييرا ومحمد الأخضر حمينة في مسار السينما العربية والإفريقية، مؤكداً أن حضورهم في برامج الدورة يبرز عمق المشهد وتنوعه. كما نوه بأن قائمة التكريم تضم أسماء تونسية بارزة إلى جانب شخصيات دولية، منها الفاضل الجزيري كاسم ترك أثرًا في المسرح والسينما وتاريخ الثقافة التونسية، والمخرج محمود بن محمود الذي سيقدم محاضرة/ماستر كلاس للجمهور والطلاب. كما سيُمنح التانيت الشرفي للمنتج الكبير عبد العزيز بن ملوكة وتكرم الفنانة الإيطالية «ابنة تونس» الراحلة كلوديا كردينال والناقد اللبناني وليد شميط والفنان زياد الرحباني.

وأكّد أن هذه الاختيارات تعكس قيم المهرجان في الالتقاء بين الأجيال وتكريم روّاد والاحتفاء بمبدعين جدد، مع تعزيز حضور الثقافة التونسية في المحيط العربي والإفريقي والدولي. كما أشار إلى أن هذه التوازنات تساهم في بناء جسر بين التقاليد والحداثة وتفتح آفاق جديدة أمام السينما العربية والإفريقية.

الذاكرة والورش المهنية وقرطاج للمحترفين

وأقر محمد طارق بن شعبان بأهمية الحفاظ على الذاكرة السينمائية ومنح الجيل الشاب منصة لمشاهدة أعمال الأجيال السابقة. وفي هذا الإطار برمجت أيام قرطاج أفلامًا مرممة موزعة عبر عدد من الأقسام، مع الحرص على دعم فعاليات الأيام في الجهات والسجون والثكنات ودعم ذراعها الصناعي المتمثل في منصة قرطاج للمحترفين (ورشتي شبكة وتكميل).

وأكد أن هذه الرؤى تواكب تطلّعات الصناع وتتيح لهم فرصًا للتبادل والتعلم، مع استمرار العمل على تعزيز وجود القرقرطاج كمنصة إقليمية تساهم في تطوير قدرات الشباب وتوفير مساحات إنتاج وترويج للمواهب الواعدة. كما شدد على أن الترميم والمحافظة على الأعمال القديمة جزء أساسي من الرسالة، بما يحفظ ذاكرة المنطقة ويعيد إحيائها للمشاهدين.

إحصاءات الدورة واللجان التحكيم

تشهد الدورة السادسة والثلاثين مشاركة 165 فيلمًا تُعرض على 14 شاشة، من بينها 96 فيلمًا روائيًا و69 فيلمًا قصيرًا يمثلون 23 دولة. وتتنافس 54 من هذه الأعمال في المسابقات الرسمية (14 فيلمًا روائيًا طويلًا و12 فيلمًا وثائقيًا طويلًا و16 فيلمًا قصيرًا و12 في قرطاج للسينما الواعدة)، فيما تحضر السينما التونسية من خلال 46 فيلمًا منها 23 فيلمًا طويلًا و23 فيلمًا قصيرًا.

ولجان تحكيم المسابقات في الدورة 36 تشكل من صناعيين من العالم العربي وخارجه؛ وتترأس لجنة الأفلام الروائية الطويلة المخرجة والكاتبة نجوى نجار وتضم أعضاء من فرنسا جون ميشال فرودون، والتونسي لطفي عاشور، والجزائري لطفي بوشوشي، والرواندية كانتاراما غاهيغيري. وتترأس لجنة الأفلام الوثائقية الطويلة رجاء عماري وتضم إليان الراهب وليد نيكولوف، ونادية الكعبي لينكي، والحسن دياغو. وتضم لجنة الأفلام القصيرة وقرطاج للسينما الواعدة حكمت البيضاني رئيساً، إضافة إلى باسيرو نيانغ وسارة سليمان وإيلياس خلاط ونادية الرايس. وتترأس الكاتبة المصرية مريم ناعوم مسابقة العمل الأول وتضم سلام زامباليغري وإبراهيم لطيف.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى