محمود محيى الدين: تعزيز التعاون الإقليمي ضروري لمواجهة تقلبات التجارة العالمية

ألقى الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، كلمته الرئيسية في المؤتمر الإقليمي السنوي الثالث عشر لغرفة التجارة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي استضافته غرفة تجارة دبي. وأشار إلى أنه مكلف من الأمين العام برئاسة فريق خبراء لتقديم حلول لأزمة الدين العالمية. وأوضح أن المؤتمر يعرض التطورات الاقتصادية والسياسات الأمريكية وتداعياتها على النظام العالمي. وأبرز ضرورة تنويع العلاقات الاقتصادية الإقليمية، وتكثيف الاستثمار في رأس المال البشري، وتطبيق التحولات الرقمية والخضراء كأولويات أساسية للنمو المستدام.

التغيرات في النظام العالمي

أوضح محيي الدين أن النظام الدولي يشهد تحولات عميقة تتركّز في مركزين جاذبين. الأول تقوده الولايات المتحدة وتتمثل هيمنته في الدولار والتحكم بالمؤسسات المالية والتكنولوجية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. أما الثاني فتمثله القوى الصاعدة في آسيا بقيادة الصين والهند، والتي باتت تقارب 60% من الناتج المحلي العالمي وفقاً لقوى الشراء. وهذه الثنائية تغيّر بشكل جذري طريقة تدفق التجارة والاستثمار والتقنيات عبر العالم.

تأثير السياسات الأمريكية والتجارية

ولفت إلى أن للدور المحوري للدولار تأثيرات عالمية فورية وبعيدة المدى، إذ تقود قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بشأن أسعار الفائدة إلى تدفقات رأس المال وتكاليف دين متقلبة في الأسواق الناشئة. كما بيّن أن السياسات التجارية الحمائية والدعم الصناعي والقيود التصديرية للتكنولوجيا تترك تأثيراً مباشراً وقوياً على اقتصادات الدول النامية وتدفع سلاسل الإمداد العالمية لإعادة ترتيب أولوياتها. وشدد على أن المنطقة يجب أن تجهز اقتصادياتها لمواجهة هذه التحولات عبر تعزيز الاستقرار المالي وتطوير أدوات الدين بالعملة المحلية.

التوجهات الاستراتيجية لدول المنطقة

وأشار إلى أن المشهد العالمي الجديد يستلزم من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعزيز صمودها من خلال بناء أنظمة مالية وطنية أقوى وتطوير أسواق الدين المقوّمة بالعملات المحلية، لتقليل الاعتماد على الاقتراض بالدولار. ودعا إلى تنويع العلاقات الاقتصادية عبر بناء روابط أعمق مع تكتلات متعددة وتجنب الانحياز لطرف واحد في النظام العالمي. كما شدد على أهمية الاستثمار في رأس المال البشري والمهارات الرقمية والتحول الأخضر، وتوسيع التعاون الإقليمي مع الاستفادة من نماذج ناجحة مثل تجربة دول آسيان في التكامل الاقتصادي.

تعميق التعاون الأميركي-المشرقي

واقترح محيي الدين ثلاث مجالات لتعميق التعاون بين الولايات المتحدة ودول المنطقة، وهي توسيع ممر الأعمال والاستثمار عبر إزالة العقبات وتعزيز الروابط، وتطوير بيئة تمكينية للتجارة عبر التعاون التنظيمي وتوحيد المعايير. كما دعا إلى توسيع الشراكات القطاعية في مجالات أساسية مثل الهيدروجين الأخضر، والتحول الرقمي، والأمن الغذائي، بما يسهم في تعزيز المرونة الصناعية. وأكد أن هذه المسارات يمكن أن تعزز الاستثمارات وتدعم التحول الرقمي والتصنيع المستدام في المنطقة، مع الحفاظ على التوازن بين المصالح المختلفة دون الانحياز.

خلاصة الهدف المستدام

وختم بأن الهدف ليس مجرد الصمود أمام الصدمات الخارجية، بل تحويل التطورات الراهنة إلى محركات للتقدم المستدام والشامل في المنطقة. ودعا إلى تحويل التحديات إلى فرص من أجل تعزيز النمو الشامل ورفع مستويات الرفاه الاقتصادي عبر تعاون إقليمي أوسع مع شركاء عالميين. كما لفت إلى أن تنشيط الاستثمارات في رأس المال البشري والمهارات الرقمية والتحول الأخضر سيقود إلى نمو أقوى ومكانة أكثر استدامة للمنطقة في النظام الاقتصادي العالمي.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى