مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي يستكشف جماليات السيرة الشعبية

تعلن إدارة مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي عن انطلاق الدورة التاسعة من المهرجان بإقامة ندوة حول جماليات المسرح الصحراوي وعلاقته بالسير والحكايات الشعبية بوصفها رافدًا أساسيًا لبناء هذا القالب الفني الفريد. أدارها الفنان الإماراتي عبد الله راشد بمشاركة الناقد المصري عبد الرازق حسين، والفنان التونسي يوسف مارس، والدكتورة وفاء الشامسي من سلطنة عمان. ناقشت الندوة جسور ارتباط المسرح الصحراوي بالسير والحكايات الشعبية كعنصر بنائي ومكوِّن رئيسي للفعالية الفنية، وتطرقت إلى قدرة الفضاء الصحراوي على تشكيل الحكاية بصريًا ودراميًا. كما أكدت الورقة الافتتاحية على دور التراث البدوي والقصص الشعبية في إغناء اللغة والتجربة المسرحية وتحديدها كمرتكز قيم وجماليات العمل.
تحليل الناقد عبد الرازق حسين
في ورقته بعنوان “جماليات القيمة في شكل ومضمون المسرح الصحراوي” أوضح الناقد أن خصوصية المهرجان تكمن في تقديم تجربة مسرحية متكاملة تختلف عن العروض المفتوحة عالمياً وعربياً، وأن الصحراء ليست مجرد مكان احتضان بل عنصر بنائي فاعل في الحبكة والشخصيات والأفكار. أشار إلى أن سينوغرافيا المكان جزءٌ عضوُ في البناء الفني، وأن ثقافة الصحراء والتراث البدوي والسير والملاحم الشعبية تمثل مصادر رئيسية للقيمة الجمالية والفكرية. أوضح أن السير والقصص الشعبية تجمع بين الشعر والنثر وتحمل قيم لغوية وثقافية تعبر عن الهوية العربية والوجدانيات الجمعية، وأن استثمار هذه الجماليات دراميًا وإخراجيًا يتوقف على قدرة المخرج على توظيف الفضاء الصحراوي لبناء رؤية متكاملة. كما استعرض تطور العرض المسرحي من فضاءات مفتوحة إلى مسارح مغلقة، مع التأكيد على استمرار ارتباط المسرح بالجمهور وأماكن وجوده.
مداخلة يوسف مارس
قدم الفنان التونسي يوسف مارس ورقته بعنوان “موقع السيرة الشعبية في الفرجة الصحراوية” معتبرًا أن المسرح فعل اتصالي وطقس إنساني يعتمد على التفاعل الحي مع الجمهور، وأنه فضاء للتعبير الحر وقبول الاختلاف. أشار إلى أن المسرح ارتبط منذ بدايته بفكرة التمرد والخروج على السائد، وأن الخروج إلى الصحراء يجسد فلسفة الاختلاف ويمثل مساحة للاحتجاج واستعادة جوهر الإنسان وحقوقه. كما أكد أن لهذه القوة تأثيراً في وعي المدينة وفنانيها، وأن التفاعل الحي بين الأداء والجمهور يحول الفرجة إلى فعل حي لا مجرد عرض.
ورقة الدكتورة وفاء الشامسي
وأوضحت الدكتورة وفاء الشامسي في ورقتها “المسرح الصحراوي وجماليات الحكاية الشعبية” خصوصية هذه التجربة التي تنبع من قلب الصحراء كفضاء إنساني حي يحمل الذاكرة الجمعية. أشارت إلى أن السير الشعبية مثل سيرة بني هلال والزير سالم وعنترة بن شداد تمثل مادة درامية ثرية من حيث الحبكة المفتوحة والشخصيات الرمزية واللغة الجامعة بين الشعر والنثر والغناء، ما يمنح المسرح الصحراوي إمكانات أدائية وبصرية واسعة. أكدت أن المسرح الصحراوي يحول السرد إلى فعل أدائي حي، حيث يصبح الرمل والضوء والريح عناصر فاعلة في الحدث، وتغدو الصحراء نصًا موازيًا للنص المكتوب تُروى فيه الحكاية لتُرى وتُعاش لا مجرد سماعها.