التحول الصناعي في الاتصالات: إنتاج محلي وابتكار رقمي

تعلن مصر تحولاً سريعاً نحو الاقتصاد الرقمي، حيث أصبحت الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أحد الأعمدة الأساسية للنمو الوطني، مع تركيز على الابتكار والتصنيع المحلي وتوسيع الخدمات الرقمية الحديثة. يعكس هذا التحول الاستراتيجية الوطنية لتعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة وجعل مصر مركزاً إقليمياً للتقنيات الحديثة. تسعى الحكومة من خلال هذا الإطار إلى تعزيز القدرات الرقمية وتوفير فرص عمل جديدة في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا.
شهد قطاع الاتصالات تطوراً نوعياً في السنوات الأخيرة، حيث تحول من نشاط خدمي إلى قطاع إنتاجي يسهم بصورة فعالة في النمو الاقتصادي. سجلت معدلات النمو للقطاع بين 14% و16% خلال سبع سنوات متتالية، وارتفع مجمل مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 6%. كما شهدت الخدمات الرقمية تعزيزاً للصادرات الرقمية والتعهيد مع اتجاه عام نحو التحول الرقمي للمؤسسات الحكومية والخاصة.
التوسع في الخدمات الرقمية والتعهيد
تضاعفت صادرات التعهيد خلال ثلاثة أعوام لتصل إلى 4.8 مليار دولار في 2025. كما ارتفعت الصادرات الرقمية بنسبة 124% خلال سبع سنوات لتصل إلى 7.4 مليار دولار. تم توقيع اتفاقيات مع شركات محلية وعالمية لتوفير نحو 75 ألف فرصة عمل جديدة في هذا القطاع.
الحكومة الرقمية والريادة العالمية
حققت مصر تقدماً ملحوظاً في مجال الحكومة الرقمية، حيث قفزت مركزياً نحو 47 مركزاً في مؤشر النضج لعام 2025 لتصل إلى المركز 22 عالمياً. يعكس ذلك ريادة الدولة في تطبيقات الحكومة الرقمية وتنامي الخدمات الرقمية المقدمة للمواطنين والمؤسسات. وتؤكد التجربة الحكومية على أهمية الاستمرار في الاستثمار وتحديث البنى الرقمية الداعمة للخدمات العامة.
الأمن السيبراني والتعاون الدولي
وقعت مصر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية، وتجرى شراكات لإنشاء مركز مصري إفريقي لمنع ومكافحة الجريمة السيبرانية بالشراكة مع مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة. وتتركز الجهود على تعزيز قدرات البلاد في رصد التهديدات والاستجابة لها وتطوير معايير حماية البنية الرقمية للمواطنين والشركات. كما يهدف هذا العمل إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال الأمن السيبراني وتحفيز الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية الآمنة.
توطين صناعة الإلكترونيات والهواتف
نجحت مصر في جذب 15 علامة تجارية عالمية لتصنيع الهواتف المحمولة محلياً، وتجاوز نسبة المكوّن المحلي 40%. بلغ الإنتاج المحلي أكثر من 10 ملايين جهاز خلال العام الحالي مقارنةً بـ3.3 ملايين جهاز في العام السابق، وهو ما يعكس تعزيز الصناعة وتوطين خطوط الإنتاج. وتُدار منظومة حوكمة أجهزة الهواتف المحمولة لدعم التصنيع المحلي وتوفير إطار تنظيمي واضح للمنتج المحلي.
الخدمات التكنولوجية الحديثة
أُطلقت حزمة خدمات تقنية متقدمة تهدف إلى تحسين تجربة المستخدم وكفاءة الاتصالات، من بينها شبكات الجيل الخامس 5G التي توفر سرعات أعلى ونقل بيانات أكثر موثوقية وتدعم التطبيقات الرقمية المتطورة. كما تم تطوير خدمة إنترنت الأشياء المخصصة للسيارات وربط المركبات بشبكة ذكية لإدارة البيانات المتعلقة بالتنقل والصيانة. أُطلق كذلك خيار الشرائح المدمجة eSIM لتوفير مرونة في إدارة الخطوط وتسهيل تبني الخدمات الرقمية.
التوصيات لتعزيز الصناعة المحلية
تؤكد التوصيات على فتح آفاق جديدة لتطوير الصناعة الوطنية ومواكبة التطورات العالمية، مع التركيز على فرص تطوير مراكز البيانات وخدمات الحوسبة السحابية لتعزيز البنية التحتية الرقمية. كما تدعو إلى توسيع تصنيع أجهزة الاتصالات محلياً وتطبيق آليات دعم فعالة للمنتج المحلي لرفع قدراته وتوفير وظائف إضافية. وتؤكد التوجيهات أيضاً على أهمية تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتمكين الابتكار والبحث والتطوير في هذا القطاع الحيوي.
الدور الحكومي في دعم الصناعة
تلعب الجهات الحكومية دوراً مركزياً في تنسيق الجهود وتوحيد العمل بين جميع أطراف المنظومة الرقمية لدعم وتنمية صناعة الاتصالات الوطنية. وتظل الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية والتشريعات اللازمة وتوفير الحوافز للمنتجين المحليين راسخة لضمان استدامة النمو وتطوير القطاع على المستويات الإقليمية والدولية. يعكس ذلك حرص الدولة على الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة وتوفير بيئة آمنة وجذابة للمستثمرين المحليين والدوليين.